وجه الله عزوجل». وبهذا القول قال أبو بكر الصّدّيق ، وأبو موسى الأشعري ، وحذيفة ، وابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة ، والضّحّاك ، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى ، والسّدّيّ ، ومقاتل.
والثاني : أنّ الزّيادة : غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب ، رواه الحكم عن عليّ ، ولا يصحّ. والثالث : أنّ الزّيادة : مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها ، قاله ابن عباس والحسن. والرابع : أنّ الزّيادة : مغفرة ورضوان ، قاله مجاهد. والخامس : أنّ الزّيادة : أنّ ما أعطاهم في الدنيا لا يحاسبهم به في القيامة ، قاله ابن زيد. والسادس : أنّ الزّيادة : ما يشتهونه ، ذكره الماوردي.
قوله تعالى : (وَلا يَرْهَقُ) أي : لا يغشى (وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ) وقرأ الحسن ، وقتادة ، والأعمش : «قتر» بإسكان التاء ، وفيه أربعة أقوال : أحدها : أنه السّواد. قال ابن عباس : سواد الوجوه من الكآبة. وقال الزّجّاج : القتر : الغبرة التي معها سواد. والثاني : أنه دخان جهنّم ، قاله عطاء. والثالث : الخزي ، قاله مجاهد. والرابع : الغبار ، قاله أبو عبيدة.
وفي الذّلّة قولان : أحدهما : الكآبة ، قاله ابن عباس. والثاني : الهوان ، قاله أبو سليمان.
(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧))
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) قال ابن عباس : عملوا الشّرك. (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) : في الآية محذوف ، وفي تقديره قولان : أحدهما : أنّ فيها إضمار «لهم» ، المعنى : لهم جزاء سيئة بمثلها ، وأنشد ثعلب :
فإن سأل الواشون عنه فقل لهم |
|
وذاك عطاء للوشاة جزيل |
ملمّ بليلى لمّة ثمّ إنّه |
|
لهاجر ليلى بعدها فمطيل |
أراد : هو ملمّ ، وهذا قول الفرّاء. والثاني : أنّ فيها إضمار «منهم» ، المعنى : جزاء سيئة منهم بمثلها ، تقول العرب : رأيت القوم صائم وقائم ، أي : منهم صائم وقائم ، أنشد الفرّاء :
حتّى إذا ما أضاء الصّبح في غلس |
|
وغودر البقل ملويّ ومحصود |
أي : منه ملويّ ، وهذا قول ابن الأنباري. وقال بعضهم : الباء زائدة ها هنا.
و «من» في قوله تعالى : (مِنْ عاصِمٍ) صلة ، والعاصم : المانع (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ) أي :
____________________________________
وابن أبي عاصم في السنة ١ / ٢٠٥ وأبو عوانة في صحيحه ١ / ١٥٦ والطيالسي في مسنده رقم (١٣١٥) والآجري في الشريعة ٦١٥ والدارمي في الرد على الجهمية (١٧٥) وابن مندة في الرد على الجهمية رقم (٨٣) وهناد بن السري في «الزهد» ١٧١ والطبراني في «الكبير» ٨ / ٤٦ ، ٤٧ ، واللالكائي في شرح السنة ٧٧٨ ـ ٨٣٣ وأبو نعيم في «الحلية» ١ / ١٥٥ والبيهقي في «الأسماء والصفات» (٦٦٥) من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب ولفظ مسلم «إذا أدخل أهل الجنة الجنة ، قال يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزوجل وزاد في رواية ثانية «ثم تلا هذه الآية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)».