الزّجّاج : الزّخرف : كمال حسن الشّيء.
قوله تعالى : (وَازَّيَّنَتْ) قرأه الجمهور «وازّيّنت» بالتّشديد. وقرأ سعد بن أبي وقّاص ، وأبو عبد الرّحمن ، والحسن ، وابن يعمر : بفتح الهمزة وقطعها ساكنة الزاي ، على وزن : وأفعلت. قال الزّجّاج : من قرأ «وازّيّنت» بالتشديد ، فالمعنى : وتزيّنت ، فأدغمت التاء في الزّاي ، وسكّنت الزاي فاجتلبت لها ألف الوصل ؛ ومن قرأ «وازينت» بالتّخفيف على أفعلت ، فالمعنى : جاءت بالزّينة. وقرأ أبيّ ، وابن مسعود : «وتزيّنت» (١).
قوله تعالى : (وَظَنَّ أَهْلُها) أي : أيقن أهل الأرض (أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها) أي : على ما أنبتته ، فأخبر عن الأرض ، والمراد النّبات ، لأنّ المعنى مفهوم. (أَتاها أَمْرُنا) أي : قضاؤنا بإهلاكها (فَجَعَلْناها حَصِيداً) أي : محصودا لا شيء فيها. والحصيد : المقطوع المستأصل. (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) قال الزّجّاج : لم تعمر. والمغاني : المنازل التي يعمرها الناس بالنّزول فيها. يقال : غنينا بالمكان : إذا نزلوا به. وقرأ الحسن : «كأن لم يغن» بالياء ، يعني الحصيد.
قال بعض المفسّرين : تأويل الآية : أنّ الحياة في الدنيا سبب لاجتماع المال وما يروق من زهرة الدّنيا ويعجب ، حتى إذا استتمّ ذلك عند صاحبه ، وظنّ أنه ممتّع بذلك ، سلب عنه بموته ، أو بحادثة تهلكه ، كما أنّ الماء سبب لالتفاف النّبات وكثرته ، فإذا تزيّنت به الأرض ، وظنّ الناس أنهم مستمتعون بذلك ، أهلكه الله ، فعاد ما كان فيها كأن لم يكن.
(وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦))
قوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) : يعني الجنّة. وقد ذكرنا معنى تسميتها بذلك عند قوله : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٢). واعلم أنّ الله عمّ بالدّعوة ، وخصّ بالهداية من شاء ، لأنّ الحكم له في خلقه. وفي المراد بالصّراط المستقيم أربعة أقوال :
(٧٧٨) أحدها : كتاب الله ، رواه عليّ عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
(٧٧٩) والثاني : الإسلام ، رواه النّوّاس بن سمعان عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
____________________________________
(٧٧٨) تقدم تخريجه في سورة الفاتحة باستيفاء ، وهو خبر ضعيف.
(٧٧٩) صحيح. هو بعض حديث أخرجه الترمذي ٢٨٥٩ والنسائي في «الكبرى» ١١٢٣٣ وأحمد ٤ / ١٨٣ والطحاوي في «المشكل» ٢١٤٣ من طرق عن بقية بن الوليد عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن النواس بن سمعان مرفوعا ، وإسناده قوي رجاله رجال الصحيح سوى بقية ، روى له مسلم متابعة ، وهو ثقة لكنه مدلس لكن صرح بالتحديث عند أحمد ، وقد توبع. فأخرجه الطحاوي ٢١٤١ و ٢١٤٢ والآجري في «الشريعة» ١٢ ـ بترقيمي ـ وأحمد ٤ / ١٨٢ من وجه آخر عن جبير بن نفير عن النواس به ، وإسناده صحيح.
وقال الحافظ ابن كثير ١ / ٤٣ : إسناده حسن صحيح. ولفظ الحديث عند الترمذي والنسائي : «إن الله ضرب
__________________
(١) قال الطبري رحمهالله ٦ / ٥٤٨ ، والصواب من القراءة في ذلك (وَازَّيَّنَتْ) لإجماع الحجة من القراء عليها.
(٢) سورة الأنعام : ١٢٧.