(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣))
قوله تعالى : (أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً).
(٧٠٨) سبب نزولها أنّ الجدّ بن قيس قال للنبيّ صلىاللهعليهوسلم لمّا عرض عليه غزو الرّوم : إذا رأيت النساء افتتنت ؛ ولكن هذا مالي أعينك به ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس.
قال الزّجّاج : وهذا لفظ أمر ، ومعناه معنى الشّرط والجزاء ، المعنى : إن أنفقتم طائعين أو مكرهين لن يتقبّل منكم. ومثله في الشعر قول كثيّر :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة |
|
لدينا ولا مقليّة إن تقلّت (١) |
لم يأمرها بالإساءة ، ولكن أعلمها أنّها إن أساءت أو أحسنت فهو على عهدها. قال الفرّاء. ومثله (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (٢).
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤))
قوله تعالى : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر : «تقبل» بالتاء : وقرأ حمزة ، والكسائيّ : «يقبل» بالياء. وقال أبو عليّ : من أنّث ، فلأنّ الفعل مسند إلى مؤنّث في اللفظ ؛ ومن قرأ بالياء ، فلأنه ليس بتأنيث حقيقي ، فجاز تذكيره ؛ كقوله تعالى : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) (٣). وقرأ الجحدريّ : «أن يقبل» بياء مفتوحة ، «نفقاتهم» بكسر التاء. وقرأ الأعمش : «نفقتهم» بغير ألف ، مرفوعة التاء. وقرأ أبو مجلز ، وأبو رجاء : «أن يقبل» بالياء «نفقتهم» بنصب التاء على التّوحيد.
قوله تعالى : (إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ) قال ابن الأنباري : «أن» هاهنا مفتوحة ، لأنّها بتأويل المصدر مرتفعة ب «منعهم» ، والتقدير : وما منعهم قبول النّفقة منهم إلّا كفرهم بالله.
قوله تعالى : (إِلَّا وَهُمْ كُسالى) قد شرحناه في سورة (النساء) (٤).
قوله تعالى : (وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) لأنّهم يعدّون الإنفاق مغرما.
(فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥))
قوله تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ) أي : لا تستحسن ما أنعمنا به عليهم من الأموال والأولاد.
____________________________________
(٧٠٨) ضعيف. أخرجه الطبري ١٦٨١٨ عن ابن عباس ، وإسناده ضعيف ، ابن جريج لم يسمع ابن عباس.
__________________
(١) البيت منسوب إلى كثير عزة ، ديوانه : ١ / ٥٣. يقال قلاه : قلاه يقليه قلى كرهه وأبغضه ، تقلى تبغض.
(٢) سورة التوبة : ٨٠.
(٣) سورة البقرة : ٢٧٥.
(٤) سورة النساء : ١٤٢.