(٧٠٧) سبب نزولها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال للجدّ بن قيس : «يا جدّ ، هل لك في جلاد بني الأصفر ، لعلك أن تغنم بعض بنات الأصفر» ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي فأقيم ، ولا تفتنّي ببنات الأصفر. فأعرض عنه ، وقال : «قد أذنت لك» ، ونزلت هذه الآية ، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وهذه الآية وما بعدها إلى قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) في المنافقين.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ) يعني المنافقين (مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) أي : في القعود عن الجهاد ، وهو الجدّ بن قيس. وفي قوله تعالى : (وَلا تَفْتِنِّي) أربعة أقوال : أحدها : لا تفتنّي بالنساء ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وابن زيد. والثاني : لا تكسبني الإثم بأمرك إيّاي بالخروج وهو غير متيسّر لي ، فآثم بالمخالفة ، قاله الحسن ، وقتادة ، والزّجّاج. والثالث : لا تكفّرني بإلزامك إيّاي الخروج ، قاله الضّحّاك. والرابع : لا تصرفني عن شغلي ، قاله ابن بحر.
قوله تعالى : (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) في هذه الفتنة أربعة أقوال : أحدها : أنها الكفر ، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني : الحرج ، قاله عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث : الإثم ، قله قتادة ، والزّجّاج. والرابع : العذاب في جهنّم ، ذكره الماوردي.
(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١))
قوله تعالى : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ) أي : نصر وغنيمة. والمصيبة : القتل والهزيمة. (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا) أي : عملنا بالحزم فلم نخرج. (وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) بمصابك وسلامتهم. قوله تعالى : (إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : ما قضى علينا ، قاله ابن عباس. والثاني : ما بيّن لنا في كتابه من أنّا نظفر فيكون ذلك حسنى لنا ، أو نقتل فتكون الشهادة حسنى لنا أيضا ، قاله الزّجّاج. والثالث : لن يصيبنا في عاقبة أمرنا إلّا ما كتب الله لنا من النّصر الذي وعدنا ، ذكره الماوردي. قوله تعالى : (هُوَ مَوْلانا) أي : ناصرنا.
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢))
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا) أي : تنتظرون. والحسنيان : النّصر والشّهادة. (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) في هذا العذاب قولان : أحدهما : الصّواعق ، قاله ابن عباس. والثاني : الموت ، قاله ابن جريج. قوله تعالى : (أَوْ بِأَيْدِينا) يعني : القتل.
____________________________________
(٧٠٧) أخرجه الطبراني في «الكبير» ٢١٥٤ و ١٢٦٥٤ من حديث ابن عباس ، وقال الهيثمي في المجمع ٧ / ٣٠ : وفيه يحيى الحماني ، وهو ضعيف اه. قلت : وبشر بن عمارة ضعيف ، والضحاك لم يسمع من ابن عباس ، وللحديث شواهد. انظر «الدر المنثور» ٣ / ٤٩ و «دلائل النبوة» للبيهقي ٥ / ٢١٣ و ٢١٤.