تفتح مكّة ، فيسقط فرض الهجرة. والثاني : أنه العقاب ، قاله الحسن.
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥))
قوله تعالى : (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) أي : في أماكن. قال الفرّاء : وكلّ جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان لم يجر ، مثل ، صوامع ، ومساجد : وجري «حنين» لأنه اسم لمذكّر ، وهو واد بين مكّة والطّائف ، وإذا سمّيت ماء أو واديا أو جبلا باسم مذكّر لا علّة فيه ، أجريته ، من ذلك : حنين ، وبدر ، وحراء ، وثبير ، ودابق. ومعنى الآية : أنّ الله عزوجل أعلمهم أنهم إنما يغلبون بنصر الله لا بكثرتهم. وفي عددهم يوم حنين أربعة أقوال : أحدها : أنهم كانوا ستّة عشر ألفا ، رواه عطاء عن ابن عباس. والثاني : عشرة آلاف ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث : كانوا اثني عشر ألفا ، قاله قتادة ، وابن زيد ، وابن إسحاق ، والواقدي. والرابع : أحد عشر ألفا وخمسمائة ، قاله مقاتل. قال ابن عباس :
(٦٨٦) فقال ذلك اليوم سلمة بن سلامة بن وقش ، وقد عجب لكثرة الناس : لن نغلب اليوم من قلّة ، فساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلامه ، ووكلوا إلى كلمة الرّجل ، فذلك قوله تعالى (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً). وقال سعيد بن المسيّب : القائل لذلك أبو بكر الصّديق. وحكى ابن جرير أنّ القائل لذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١). وقيل : بل العباس. وقيل : رجل من بني بكر.
قوله تعالى : (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أي : برحبها. قال الفرّاء : والباء هاهنا بمنزلة «في» كما تقول : ضاقت عليكم الأرض في رحبها وبرحبها.
الإشارة إلى القصّة
قال أهل العلم بالسّيرة : لمّا فتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكّة ، تآمر عليه أشراف هوازن وثقيف ، فجاؤوا حتى نزلوا أوطاس (٢) ، وأجمعوا المسير إليه ، فخرج إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا التقوا أعجبتهم كثرتهم فهزموا.
(٦٨٧) وقال البراء بن عازب : لمّا حملنا عليهم انكشفوا ، فأكببنا على الغنائم ، فأقبلوا بالسّهام ، فانكشف المسلمون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
____________________________________
(٦٨٦) عزاه البغوي في «التفسير» ٢ / ٣٢٨ للكلبي ، وهو متهم بالكذب. وورد من مرسل قتادة دون ذكر القائل ، أخرجه الطبري ١٦٥٨٨. وورد من مرسل السدي ١٦٥٩٠ وفيهما «أن رجلا ...».
(٦٨٧) صحيح. أخرجه البخاري ٢٠٤٢ ومسلم ١٧٧٦ والترمذي ١٦٨٨ والطيالسي ٢ / ١٠٨ وأحمد ٤ / ٢٨١ وأبي يعلى ١٧٢٧ والبيهقي في «السنن» ٩ / ١٥٥ والطبري ١٦٥٩٤ من حديث البراء.
__________________
(١) كذا ذكره المصنف رحمهالله ، ومثله الزمخشري في «الكشاف» ٢ / ٢٥٩. فقال الحافظ في تخريجه : لم أجده بهذا السياق ولم أجده من كلام أبي بكر.
(٢) أوطاس : واد في هوازن كانت وقعة حنين للنبي صلىاللهعليهوسلم.