(٦٨٠) والثالث : أنه لمّا قال العباس : أنا أسقي الحاجّ ، وقال طلحة : أنا أحجب الكعبة فلا نهاجر ، نزلت هذه الآية والتي قبلها ، هذا قول قتادة ، وقد ذكرناه عن مجاهد.
(٦٨١) والرابع : أنّ نفرا ارتدّوا عن الإسلام ولحقوا بمكّة ، فنهى الله عن ولايتهم ، وأنزل هذه الآية ، قاله مقاتل.
(٦٨٢) والخامس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم لمّا أمر الناس بالجهاز لنصرة خزاعة على قريش ، قال أبو بكر الصّديق : يا رسول الله ، نعاونهم على قومنا؟ فنزلت هذه الآية ، ذكره أبو سليمان الدّمشقي.
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤))
قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ) الآية ، في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(٦٨٣) أحدها : أنها نزلت في الذين تخلّفوا مع عيالهم بمكّة ولم يهاجروا ، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
(٦٨٤) والثاني : أنّ عليّ بن أبي طالب قدم مكّة ، فقال لقوم : ألا تهاجرون؟ فقالوا : نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن سيرين.
(٦٨٥) والثالث : أنه لمّا نزلت الآية التي قبلها ، قالوا : يا رسول الله ، إن نحن اعتزلنا من خالفنا في الدّين ، قطعنا آباءنا وعشيرتنا ، وذهبت تجارتنا ، وخربت ديارنا ، فنزلت هذه الآية ، ذكره بعض المفسّرين في هذه الآية ، وذكره بعضهم في الآية الأولى كما حكيناه عن ابن عباس.
فأمّا العشيرة ، فهم الأقارب الأدنون. وروى أبو بكر عن عاصم «وعشيراتكم» على الجمع. قال أبو عليّ : وجهه أنّ كلّ واحد من المخاطبين له عشيرة ، فإذا جمعت قلت : عشيراتكم ؛ وحجّة من أفرد : أنّ العشيرة واقعة على الجمع ، فاستغنى بذلك عن جمعها. وقال الأخفش : لا تكاد العرب تجمع عشيرة : عشيرات ، إنما يجمعونها على عشائر. والاقتراف بمعنى الاكتساب. والتّربّص : الانتظار.
وفي قوله تعالى : (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) قولان : أحدهما : أنه فتح مكّة ، قاله مجاهد والأكثرون ، ومعنى الآية : إن كان المقام في أهاليكم ، وكانت الأموال التي اكتسبتموها (وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها) لفراقكم بلدكم (وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ) من الهجرة ، فأقيموا غير مثابين ، حتى
____________________________________
(٦٨٠) أثر قتادة لم أره ، وأثر مجاهد أخرجه الطبري ١٦٥٨٢.
(٦٨١) عزاه المصنف لمقاتل ، وهو متهم بالكذب.
(٦٨٢) لم أقف عليه.
(٦٨٣) عزاه المصنف لابن عباس من رواية أبي صالح ، وهي رواية ساقطة. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٩٦ عن الكلبي بدون إسناد. وهو يضع الحديث.
(٦٨٤) مرسل تقدم قبل أحاديث.
(٦٨٥) عزاه الحافظ في «تخريج الكشاف» ٢ / ٢٥٧ للثعلبي عن مقاتل ، وهذا معضل ، ومقاتل متهم بالكذب.