يقال : هو الضّعف والضّعف ، والمكث والمكث ، والفقر والفقر ، وفي اللغة كثير من باب فعل وفعل ، والمعنى واحد. وقرأ أبو جعفر «وعلم أن فيكم ضعفاء» على فعلاء. فأمّا قوله تعالى : (بِإِذْنِ اللهِ) فهو إعلام بأنّ الغلبة لا تقع إلّا بإرادته.
(ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧))
قوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ).
(٦٥٨) روى مسلم في أفراده من حديث عمر بن الخطّاب قال : لمّا هزم الله المشركين يوم بدر ، وقتل منهم سبعون وأسر سبعون ، استشار النبيّ صلىاللهعليهوسلم أبا بكر وعمر وعليّا ، فقال أبو بكر : يا نبيّ الله هؤلاء بنو العمّ والعشيرة والإخوان ، وإنّي أرى أن تأخذ منهم الفدية ، فيكون ما أخذنا منهم قوّة لنا على الكفّار ، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا. فقال رسول الله : «ما ترى يا ابن الخطّاب»؟ قلت :
والله ما أرى ما رأى أبو بكر ، ولكن أرى أن تمكّنني من فلان ، قريب لعمر ، فأضرب عنقه ، وتمكّن عليّا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكّن حمزة من أخيه فلان فيضرب عنقه ، حتى يعلم الله عزوجل أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمّتهم وقادتهم. فهوي رسول الله ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فأخذ منهم الفداء. فلمّا كان من الغد ، غدوت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا هو قاعد وأبو بكر الصّديق وهما يبكيان. فقلت : يا رسول الله ، أخبرني ما ذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت. فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من الفداء. لقد عرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشّجرة» لشجرة قريبة ، فأنزل الله «ما كان لنبي أن يكون له أسرى» إلى قوله «عظيم».
____________________________________
(٦٥٨) غريب. أخرجه مسلم ١٧٦٣ وأبو داود ٢٦٩٠ والترمذي ٣٠٨١ وأحمد ١ / ٣٠ وابن أبي شيبة ١٤ / ٣٦٥ ـ ٣٦٨ وابن حبان ٤٧٩٣ والطبري ١٦٣٠٨ والبيهقي في «السنن» ٦ / ٣٢١ و «الدلائل» ٣ / ٥١ وأبو نعيم في «الدلائل» ٤٥٠ من طرق عن عكرمة عن عمار عن سماك بن الوليد الحنفي عن ابن عباس عن عمر به وإسناده لا بأس به. عكرمة بن عمار قال عنه الحافظ في «التقريب» : صدوق يغلط. وقال في سماك بن الوليد : ليس به بأس. وقال الذهبي رحمهالله في «الميزان» ٣ / ٩٠ ـ ٩٣ ما ملخصه : روى أبو حاتم عن ابن معين في عكرمة بن عمار : كان أميا حافظا. وقال أبو حاتم : صدوق ، ربما يهم. وقال ابن معين : ثقة ثبت. وقال يحيى القطان : أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفه ، وقال أحمد بن حنبل : ضعيف. وقال الحاكم : أكثر مسلم الاستشهاد به ، وقال البخاري : لم يكن له كتاب فاضطرب حديثه عن يحيى ، وقال أحمد : أحاديثه عن يحيى ضعاف ، ووثقه علي المديني. وختم الذهبي كلامه بقوله : وفي صحيح مسلم قد ساق له أصلا منكرا عن سماك الحنفي عن ابن عباس في الثلاثة التي طلبها أبو سفيان ، وثلاثة أحاديث أخر بالإسناد اه. قلت : وهذا رواه عن سماك بن الوليد عن ابن عباس ، وقد تفرد بذكر بكاء النبي صلىاللهعليهوسلم وأبي بكر ، ودنو العذاب بسبب أخذ الفداء ، وهذا غريب ، ولم يتابع عليه ، وهو وإن وثقه الأكثر ، لكن روى مناكير ، ولا يبعد أن يكون عجز هذا الحديث منها ، والله تعالى أعلم.
ـ الخلاصة : هو حديث لا يمكن الحكم بوهنه ، وليس هو من درجة الصحيح. وهو أحد الأحاديث التي رواها مسلم ، وليست في غاية الصحة. وللحديث شواهد دون عجزه ، وهو ذكر البكاء ... فهو غريب. إذ لم يتصرف الصحابة من تلقاء أنفسهم ، وإنما فعلوا ذلك بأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فتنبه والله الموفق.