يعلمه إلّا الله ؛ فما جاوزت إلّا قريبا حتّى نزلت سورة (الأنفال) ، فقال : «اذهب فخذ سيفك».
(٦١٠) وقال السّدّي : اختصم سعد وناس آخرون في ذلك السّيف ، فسألوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأخذه النبيّ صلىاللهعليهوسلم منهم ، فنزلت هذه الآية.
(٦١١) والثالث : أنّ الأنفال كانت خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ليس لأحد منها شيء ، فسألوه أن يعطيهم منها شيئا ، فنزلت هذه الآية ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
وفي المراد بالأنفال ستة أقوال : أحدهما : أنّها الغنائم ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد ، وعطاء ، وعكرمة ، والضّحّاك ، وأبو عبيدة ، والزّجّاج ، وابن قتيبة في آخرين. وواحد الأنفال : نفل ، قال لبيد :
إنّ تقوى ربّنا خير نفل |
|
وبإذن الله ريثي وعجل |
والثاني : أنها ما نفّله رسول الله صلىاللهعليهوسلم القاتل من سلب قتيله. والثالث : أنها ما شذ من المشركين إلى المسلمين من عبد أو دابة بغير قتال ، قاله عطاء. وهذا والذي قبله مرويان عن ابن عباس أيضا.
(٦١٢) والرابع : أنه الخمس الذي أخذه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الغنائم ، قاله مجاهد.
والخامس : أنه أنفال السّرايا ، قاله عليّ بن صالح بن حيّ. وحكي عن الحسن قال : هي السّرايا التي تتقدّم أمام الجيوش. والسادس : أنّها زيادات يؤثر بها الإمام بعض الجيش لما يراه من المصلحة ، ذكره الماوردي.
وفي «عن» قولان : أحدهما : أنّها زائدة ، والمعنى : يسألونك الأنفال ؛ وكذلك قرأ سعد بن أبي وقّاص وابن مسعود وأبيّ بن كعب وأبو العالية : «يسألونك الأنفال» بحذف «عن». والثاني : أنّها أصل ، والمعنى : يسألونك عن الأنفال لمن هي؟ أو عن حكم الأنفال ؛ وقد ذكرنا في سبب نزولها ما يتعلّق بالقولين. وذكر أنهم إنّما سألوا عن حكمها لأنّها كانت حراما على الأمم قبلهم.
فصل : واختلف علماء النّاسخ والمنسوخ في هذه الآية ، فقال بعضهم : إنّها ناسخة من وجه ، منسوخة من وجه ، وذلك أنّ الغنائم كانت حراما في شرائع الأنبياء المتقدّمين ، فنسخ الله ذلك بهذه الآية ، وجعل الأمر في الغنائم إلى ما يراه الرّسول صلىاللهعليهوسلم ، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) (١). وقال آخرون : المراد بالأنفال شيئان : أحدهما : ما يجعله الرّسول صلىاللهعليهوسلم لطائفة من شجعان العسكر ومتقدّميه ، يستخرج به نصحهم ، ويحرّضهم على القتال. والثاني : ما يفضل
____________________________________
(٦١٠) ضعيف. أخرجه الطبري ١٥٦٨٥ عن السدي مرسلا. وورد من مرسل سعيد بن جبير. أخرجه أبو جعفر بن النحاس في «الناسخ والمنسوخ» ص ١٤٤ عن سعيد بن جبير مرسلا فهو ضعيف ، وعلته الإرسال ، لكن يشهد لما قبله.
(٦١١) ضعيف. أخرجه البيهقي ٦ / ٢٩٣ والطبري ١٥٦٧٩ عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦١٢) مرسل أخرجه الطبري ١٥٦٦٠ و ١٥٦٦١ عن مجاهد.
__________________
(١) سورة الأنفال : ٤١.