الصبر أساس تماسك الشخصية وثباتها
(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ) وهي حالة الضيق والفقر ، (وَالضَّرَّاءِ) ، وهي حالة المرض والألم ، (وَحِينَ الْبَأْسِ) حالة الحرب ، فإن الصبر. كما ورد في بعض الآيات ، هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد كما جاء في حديث الإمام علي عليهالسلام (١). وهو العنصر الأساس في تماسك الشخصية وثباتها أمام التحديات ولا سيما التحديات التي تواجه الإنسان في عقيدته والتزامه بالخط العملي الإيماني في الحياة ، فإن الضعف الذي يقود إلى الجزع والانهيار في الموقف قد يقود إلى الانحراف ، ويبعث على الاهتزاز ويدفع بالتالي ، إلى إعطاء صورة مشوّهة عن طبيعة المجتمع المؤمن في قوّته وصموده ، مما ينعكس سلبيا على صورة الإيمان نفسه في نفوس الآخرين.
وقد يتساءل عن الوجه في نصب كلمة : (وَالصَّابِرِينَ) مع أنها معطوفة على كلمة : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) مما يفرض الرفع فيها؟
وأجاب صاحب مجمع البيان على ذلك فقال : «وأما قوله : والصابرين فمنصوب على المدح أيضا لأن مذهبهم في الصفات والنعوت إذا طالت أن يعترضوا بينهما بالمدح أو الذم ليميزوا الممدوح أو المذموم ، وتقديره : أعني الصابرين. قال أبو علي : والأحسن في هذه الأوصاف التي اتقطعت للرفع من موصوفيها والمدح أو الغض منهم والذم ، أن يخالف بإعرابها ولا تجعل كلها جارية على موصوفيها ليكون ذلك دلالة على هذا المعنى وانفصالا لما يذكر للتنويه والتنبيه أو النقص والغض مما يذكر للتخصيص والتمييز بين الموصوفين.
__________________
(١) يقول الإمام علي (ع): «وعليكم بالصبر ، فإنّ الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ، ولا في إيمان لا صبر معه» [نهج البلاغة ، قصار الحكم / ٨٢]
.