وجاءت كلمة (عَلى حُبِّهِ) لتؤكد عمق هذا العطاء في النفس ، على أيّ المعنيين كان مرجع الضمير ، فإذا أردنا من الحب ، حبّ الله فإنه يمثل العطاء من أجل الله بعيدا عن المنافع الذاتية الطارئة ، وإذا أردنا منه «حب المال» فإنه يمثل العطاء من موقع الانتصار على الذات عند ما يبذل الأشياء التي يحبها ويتعلق بها فلا يمنعه ذلك من العطاء في سماح ومحبّة.
أمّا الذين يستحقون العطاء ، فهم ذوو القربى لأن صلة الرحم توجب على الإنسان التعبير عنها في أسلوب عملي ، وهو أسلوب العطاء الذي يعني المشاركة ، واليتامى الذين هم في كفالة المجتمع الإنساني بعد غياب الكافل المباشر لهم ، والمساكين الذين لا يجدون الفرصة الكريمة للعيش الكريم فلا يملكون قوت سنتهم قوّة وفعلا ، وابن السبيل الذي انقطعت به الطريق فلم يجد من المال ما يكمل به سفره ، وإن كان غنيا في بلده ، والسائلين الذين لم يتخذوا السؤال حرفة ومهنة ، بل انطلقوا به من واقع الحاجة إلى ذلك ، وفي الرقاب التي أثقلها الرق وضغطت عليها العبودية ، فأراد الإسلام ، للذين يجدون المال ، أن يصرفوا أموالهم في طريق تحريرها لتعيش الكرامة في الحرية الإنسانية والقانونية .. وتلك هي الفئات المسحوقة التي يعتبر العطاء بالنسبة إليها مسئولية إنسانية وإسلامية ليعيش المجتمع في نظام إنساني متوازن طبيعي شامل.
* * *
الصلاة تفجر المعاني الروحية في الإنسان
(وَأَقامَ الصَّلاةَ) فإن الصلاة تفتح قلب الإنسان ووجدانه على الله سبحانه ، لتشرق في داخله كل المعاني الروحية الطاهرة التي تحوّله إلى كائن حيّ ، تتفجر مشاعره بالخير ، وتنبض بالطهر ، وتنطلق أفكاره بالحق ،