تعالى : (حَتّى إذا ما جاءُوها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُم) (فصّلت /٢٠) وبين المتبوع وتابعه في نحو : (مثلاً مّا بَعُوضَةً) (البقرة /٢٦) قال الزجاج : «ما» حرف زائد للتوكيد عند جميع البصريين ، انتهى. ويؤيده سقوطها في قراءة ابن مسعود. و «بعوضة» بدل. وقيل : «ما» اسم نكرة صفة لـ «مثلاً» أو بدل منه ، و «بعوضة» عطف بيان على «ما».
وهذا فصل عقد للتدريب في «ما»
قوله تعالى : (ما أغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) (المسد /٢) تحتمل «ما» الاُولى : النافية أي : لم يُغنِ ، والاستفهامية فتكون مفعولاً مطلقاً ، والتقدير : أيّ إغناء أغنى عنه ماله ويضعف كونه مبتدأ لِحذف المفعول المضمر حينئذ ؛ إذ تقديره : أيُّ إغناء أغناهُ عنه ماله ، وهو نظير : «زيد ضربتُ» إلا أن الهاء المحذوفة في الآية مفعول مطلق ، وفي المثال مفعول به ، وأما «ما» الثانية فموصول اسمي أو حرفي أي : «والذي كسبه ، أو وكسْبه» ، وقد يضعف الاسمي بأنه إذا قُدّر «والذي كسبه» لزم التكرار؛ لتقدم ذكر المال. ويجاب بأنه يجوز أن يراد بها الولد ، ففي الحديث النبوي : «أطيب ما أكلَ الرّجلُ مِن كسبِهِ ، وولدهُ مِن كسبه» (١).
وأما قوله تعالى (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (البقرة /٨٨) فـ «ما» محتملة لثلاثة أوجه :
أحدها : الزيادة ، فتكون إما لمجرد تقوية الكلام مثلها في (فَبِما رَحمَة مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ) (آل عمران /١٥٩) فتكون حرفاً باتفاق ، و «قليلاً» في معنى النفي
__________________
١ ـ كنز العمال : ٤/ ح ٩٢٣٢.