(مِنْ)
تأتي على خمسة عشر وجهاً :
أحدها : ابتداء الغاية ، وهو الغالب عليها ، حتى ادعى جماعة أن سائر معانيها راجعة إليه ، وتقع لهذا المعنى في غير الزمان ، نحو قوله تعالى : (مِنَ الْمَسْجِدِ الحَرامِ) (الإسراء /١) وقول الفرزدق في الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) :
٢٨٧ ـ مَن يعرف الله ، يعرف أوّليّة ذا |
|
فالدين مِنْ بيت هذا ناله الاُمم (١) |
قال الكوفيون والأخفش والمبرد وابن دُرُستويه : وفي الزمان أيضاً؛ بدليل (مِنْ أوّلِ يَوْم) (التوبة /١٠٨).
وقيل : التقدير : من تأسيس أول يوم ، وردّه السهيلي بأنه لوقيل هكذا لاحتيج إلى تقدير الزمان.
الثاني : التبعيض ، نحو : (منهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) (البقرة /٢٥٣) وعلامتها : إمكان سد «بعض» مسدّها كقراءة ابن مسعود : (حتّى تُنْفِقُوا بَعْضَ ما تُحِبُّونَ) (آل عمران /٩٢).
الثالث : بيان الجنس ، وكثيراً ما تقع بعد «ما» و «مهما» وهما بها أولى لإفراط إبهامهما ، نحو : (ما يَفْتَحِ الله لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَة فَلا مُمْسِكَ لَها) (فاطر/٢) (مَهْما تَأتِنا بِهِ مِنْ آيَة) (الأعراف/١٣٢) وهي ومخفوضها في ذلك في موضع نصب على الحال. ومن وقوعها بعد غير هما قول الكميت :
٢٨٨ ـ وأوجب يوماًبالغدير ولاية |
|
على كل برّ مِن فصيح وأعجم (٢) |
__________________
١ ـ كشف الغمة : ٢/٣٠٥.
٢ ـ الغدير ٢/١٩٥.