(وَلا يَأْتُونَكَ
بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ
سَبِيلاً)(٣٤)
(وَلا يَأْتُونَكَ
بِمَثَلٍ) سؤال عجيب كأنه مثل في البطلان يريدون به القدح في نبوتك. (إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِ) الدامغ له في جوابه. (وَأَحْسَنَ
تَفْسِيراً) وبما هو أحسن بيانا أو معنى من سؤالهم ، أو (لا يَأْتُونَكَ) بحال عجيبة يقولون هلا كانت هذه حاله إلا أعطيناك من
الأحوال ما يحق لك في حكمتنا وما هو أحسن كشفا لما بعثت له.
(الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ) أي مقلوبين أو مسحوبين عليها ، أو متعلقة قلوبهم بالسفليات
متوجهة وجوههم إليها. وعنه عليه الصلاة والسلام «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة
أصناف ، صنف على الدواب وصنف على الأقدام وصنف على الوجوه» وهو ذم منصوب أو مرفوع
أو مبدأ خبره. (أُوْلئِكَ شَرٌّ
مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) والمفضل عليه هو الرسول صلىاللهعليهوسلم على طريقة قوله تعالى : (قُلْ هَلْ
أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ
وَغَضِبَ عَلَيْهِ) كأنه قيل إن حاملهم على هذه الأسئلة تحقير مكانه وتضليل
سبيله ولا يعلمون حالهم ليعلموا أنهم شر مكانا وأضل سبيلا ، وقيل إنه متصل بقوله (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ
مُسْتَقَرًّا) ووصف السبيل بالضلال من الإسناد المجازي للمبالغة.
(وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا
إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ
لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً
وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً)(٣٧)
(وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) يوازره في الدعوة وإعلاء الكلمة ولا ينافي ذلك مشاركته في
النبوة ، لأن المتشاركين في الأمر متوازرون عليه.
(فَقُلْنَا اذْهَبا
إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا) يعني فرعون وقومه. (بِآياتِنا
فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) أي فذهبا إليهم فكذبوهما فدمرناهم ، فاقتصر على حاشيتي
القصة اكتفاء بما هو المقصود منها وهو إلزام الحجة ببعثة الرسل واستحقاق التدمير
بتكذيبهم والتعقيب باعتبار الحكم لا الوقوع ، وقرئ «فدمرتهم» «فدمراهم» «فدمرانهم»
على التأكيد بالنون الثقيلة.
(وَقَوْمَ نُوحٍ
لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) كذبوا نوحا ومن قبله ، أو نوحا وحده ولكن تكذيب واحد من
الرسل كتكذيب الكل أو بعثة الرسل مطلقا كالبراهمة. (أَغْرَقْناهُمْ) بالطوفان. (وَجَعَلْناهُمْ) وجعلنا إغراقهم أو قصتهم. (لِلنَّاسِ آيَةً) عبرة. (وَأَعْتَدْنا
لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً) يحتمل التعميم والتخصيص فيكون وضعا للظاهر موضع المضمر
تظليما لهم.
(وَعاداً وَثَمُودَ
وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا
لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً)(٣٩)
(وَعاداً وَثَمُودَ) عطف على هم في (جَعَلْناهُمْ) أو على «الظالمين» لأن المعنى ووعدنا الظالمين ، وقرأ حمزة
وحفص «وثمود» على تأويل القبيلة. (وَأَصْحابَ الرَّسِ) قوم كان يعبدون الأصنام فبعث الله تعالى إليهم شعيبا
فكذبوه ، فبينما هم حول الرس وهي البئر الغير المطوية فانهارت فخسف بهم وبديارهم.
وقيل (الرَّسِ) قرية بفلج اليمامة كان فيها بقايا ثمود فبعث إليهم نبي
فقتلوه فهلكوا. وقيل الأخدود وقيل بئر بأنطاكية قتلوا