عبادة الله إلى ساحة عبادة غيره سبحانه مشركين ، والمراد من اتّخاذ الهوى إلهاً هو اتّباع الشهوات والاستجابة لنداء النزوات الشيطانيّة.
وإنّ هؤلاء يرون أنّ لهم إلهاً يجب أن يُتّبَع ، فتركوا عبادة الله الحقّ وتوجّهوا إلى عبادة الهوى الذي يزيّن لهم الشرك ، حيث ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : ما تحت ظِلِّ السماء من إله يُعبَد من دون الله أعظم عند الله من هوىً مُتَّبَع (١).
وقد أمر الإسلام بالتوحيد الخالص الذي قوامه «لا إلهَ إلّا الله» ، وهذا الشعار لا يدعو إلى طاعة الله فقط ، بل يدعو إلى نفي الألوهيّة عن غيره من جانب ، ثمّ يأمر بطاعة الله وحده ، فلربّما نجد من يعبد الله في الوقت الذي يعبد فيه غيرَ الله ، كمن دانوا بمذهب التثليث ومَن ادّعَوا البُنوّة لله ، ومن عبدوا الأصنام لتقرّبهم إلى الله زَلفى.
إنَ طريق الله واحد لا ريب فيه ، وكلّ الطرق التي تذهب بالإنسان يميناً وشمالاً هي من طرق الشرك ، لقد أراد الله من هذا الشعار إقامة دولة الحقّ والعدل التي تساير الفطرة الإنسانيّة ، بل فطرة الوجود ، وأراد استئصال منابت الشرّ والبغي والخلاف من كلّ مجالات المجتمع.
كتب النبيّ صلى الله عليه وآله كتاباً إلى نصارى نجران ورد فيه : أمّا بعد ، فإنّي أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، وإلى ولاية الله من ولاية العباد (٢) ، وأطلق القرآن الكريم على طاعة البشر على نحو الاستقلال عن الله عبادةً ، حيث قال سبحانه وتعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَـٰهًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ المعجم الكبير للطبرانيّ ٨ : ١٠٣ ، كنز العمّال ٣ : ٥٤٧ / خ ٧٨٣٣.
٢ ـ البداية والنهاية لابن كثير ٥ : ٦٤ ، إمتاع الأسماع للمقريزي ١٤ : ٦٧.