عليه بل ينطبق على كونها من صفات الفعل وحاصله :
إنّ كلّ وصف يقع في اطار النفي والاثبات فهو من صفات الفعل مثل قولنا : يعطي ولا يعطى ، وما لا يقع في إطارهما ، بل يكون اُحادية التعلّق من صفات الذات فيقال « يعلم » ولا يقال « لا يعلم ».
وعلى ضوء هذا تكون الإرادة من صفات الفعل لأنّها ممّا يتوارد عليه النفي والاثبات. يقول سبحانه : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ( البقرة / ١٨٥ ).
والجواب على هذا السؤال بوجهين :
أحدهما : إنّ الإرادة التي يتوارد عليها النفي والاثبات هي الإرادة في مقام الفعل ، وأمّا الإرادة في مقام الذات التي فسّرناها بكمال الإرادة وهو الاختيار ، فلا تقع في إطار النفي والاثبات.
وثانيهما : ما أجاب به صدر المتألّهين قائلاً بأنّ لله سبحانه إرادة بسيطة مجهولة الكنه وإنّ الذي يتوارد عليه النفي والإثبات ، الإرادة العددية الجزئية المتحقّقة في مقام الفعل ، وأمّا أصل الإرادة البسيطة ، وكونه سبحانه فاعلاً عن إرادة لا عن اضطرار وايجاب ، فلا يجوز سلبه عن الله سبحانه ، وإنّ منشأ الاشتباه هو الخلط بين الإرادة البسيطة في مقام الذات التي لا تتعدّد ولا تتثنّى ، وبين الإرادة العددية المتحقّقة في مقام الفعل التي تتعدّد وتتثنّى ويرد عليها النفي والاثبات.
قال : « الفرق بين الإرادة التفصيلية العددية التي يقع تعلّقها بجزئي من اعداد طبيعية واحدة أو بكلّ واحد من طرفي المقدور ، كما في القادرين من الحيوانات ، وبين الإرادة ، البسيطة الحقّة الإلهية التي يكلّّ عن ادراكها عقول أكثر الحكماء فضلاً عن غيرهم » (١).
__________________
(١) الاسفار ج ٦ ص ٣٢٤.