لا يدلّ على عدم سعتها.
وما فرض في المقام من الصور ـ بغضّ النظر عمّا سنذكره ـ لا يثبت أكثر من أنّ صدور الفعل منه سبحانه في هذه الشرائط محال لاستلزامه اجتماع النقيضين ، أو إجتماع العلّتين التامّتين على معلول واحد ، وما هو محال خارج عن اطار القدرة ولا يطلق عليه عدم القدرة.
هذا كلّه نذكره مماشاةً مع علامتي المعتزلة وإلاّ فثمّة مناقشة في كلامهما ، إذ نقول : ماذا يريدان من قولهما : « عين مقدور العبد » ؟
هل يريدان منه الشيء قبل وجوده ، أو بعده ؟
فإن أرادا الشيء قبل وجوده فليس في هذا المقام عينيّة ولا تشخّص ، حتّى يقال : إنّه سبحانه قادر عليه أو لا ؟ إذ الشيء في هذه المرحلة لا يتجازو عن كونه مفهوما كليّاً ، يصلح أن يكون له مصاديق كثيرة.
وإن ارادا من « عين المقدور » الشيء بعد وقوعه فمن المعلوم أنّه لا تتعلّق به القدرة ـ في هذه الحالة ـ لأنّه من قبيل تحصيل الحاصل المحال ، وقد ذكرنا أنّ المحال خارج عن إطار القدرة.
وإن أرادا عدم تعلّق قدرته سبحانه مقارناً لتعلّق قدرة العبد فحكم هذا القسم هو نفس حكم الصورة الاُولى فإنّ المقدور بعد لم يتحقّق ، ولم يتشخّص حتى يقال بأنّه غير قادر على نفس مقدور العبد.
ثمّ إنّ ما ذكره العلاّمتان المعتزليّان ينبع عن القول بالثنويّة في باب تأثير المؤثّرات وفعل الفواعل حيث إنّ المعتزلة تصوّرت أنّ فعل العبد مخلوق لنفس العبد ، وليس مخلوقاً لله ، لا تسبيباً ولا مباشرة ، وانّ هناك فاعلين مستقلّين لكل مجاله الخاص فلفعله سبحانه وقدرته مجال ، ولفعل العبد مجال آخر ، وعند ذلك لا يمتّ مقدور العبد بالله سبحانه بصلة.