وفي الإنسان مضافاً إلى الخصائص الموجودة في الدرجات السابقة يتجلّى في أفعاله العجيبة والغريبة وصنائعه البديعة مع ادراكه المسائل العقلية والفلسفية.
فالناظر إلى حقيقة الحياة في جميع الدرجات إذا غضّ النظر عن خصائص كلّ مرتبة وعن التعريف بالمرتبة ينتقل إلى أنّ الحيّ هو الموجود المدرك الفعال ، فاذا كانت هذه هي حقيقة الحياة فالله تبارك وتعالى حيّ بأكمل حياة.
وإن شئت قلت : إذا أردنا تعريف الحياة الموجودة في كلّ مرتبة من المراتب فلا يمكن إطلاقها على الله سبحانه.
وأمّا إذا نظرنا إلى « حقيقة الحياة » الموجودة في جميع هذه المراتب ، المجرّدة من خصائص تلك المراتب وخصوصيّاتها ، انتزع العقل مفهوماً كلّيّاً ينطبق على جميع المراتب ، وهو كون الشيء فاعلاً ومدركاً أو فعّالاً ودرّاكاً ، وإن كان تجلّي ذلك يختلف من مرتبة إلى اُخرى حسب ضعف المرتبة وقوتها.
وهذه المسألة حقيقة ثابتة في كثير من الأسماء ، فإنّ لفظة « المصباح » يوم وضعت كانت تطلق على الضوء الحاصل من اشتعال غصن شجر ، غير أنّ هذه الحقيقة تكاملت حسب تكامل الحضارة والتمدّن فصارت تطلق على المصباح الزيتي والنفطي والغازي والكهربائي بمفهوم واحد وسيع.
وما ذلك إلاّ لأنّ الحقيقة المقوّمة لصحة إطلاق تلك الكلمة هي كون الشيء منوّراً لما حوله ، فهذه الحقيقة مع اختلاف مراتبها موجودة في جميعها ، وفي المصباح الكهربائي على نحو أتمّ.
إنّ من الوهم أن يتوقّع إنسان مفكّر تحديد حياته سبحانه من خلال ما نلمسه من الحياة الموجودة في النبات أو الحيوان أو الإنسان.
كما أنّ من الوهم أن يتوقع أن تكون حياته تعالى رهن فعل وانفعال كيمياوي أو فيزياوي.