سِدَانة الكعبة : خِدْمتها ، وكانت هي واللواء في بني عبد الدار ،
والسقاية والرّفَادة إلى هاشم ، فأُقرَّ ذلك في الإسلام على حاله. وإنما ذكر أحدَ
الشيئين دون قَرِينة ـ أعني السدانة دون اللواء ، والسقاية دون الرِّفادة ؛ لأنهما
لا يفترقان ولا يخلو أحدُهما من صاحبه ؛ فكان ذِكْرُ الواحد متضمناً لذكر الثاني.
وهذا استثناء من المآثر وإن احتوى العطف على ثلاثة أشياء. ونظيره قولك : جاءتني
بنو ضَبّة ، وبنو الحارث ، وبنو عبس ، إلا قَيْسَ بن زهير. وذلك لأنّ المعنى يدعوه
إلى متعلّقه.
قوله : تحت قدميّ
، عبارة عن الإهدار والإبطال ، يقول المُوَادِع لصاحبه : اجعل ما سلف تحت قدميك ،
يريدُ طَأ عليه واقمعه.
الضمير في منها
يرجع إلى معنى كل ، كقوله تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ
داخِرِينَ) [النمل : ٨٧].
وكذلك الضمير في كانت وفي قوله فهي.
فإن قلت : هل يجوز
أن يكون لفظ كانت صفة للذي أُضِيف إليه كلّ وللمعطوفيْن عليه فيستكنّ فيه ضميرها؟
قلت : لا والمانع منه أن الفاء وقع في الخبر لمعنى الجزاء الذي تتضمنه النّكرة
الذي هو كل ، وحقه أن يكون موصوفاً بالفعل ، فلو قطعنا عنه كانت لم يَصْلُح لأن
يقع الفاءُ في خبره ؛ فكانَت إذن في محل النصب على أنه صفة كل وكائن فيه ضميره ،
وفيه دليل على أن إنَّ لا يُبْطل معنى الجزاءِ بدخوله على الأسماء المتضمنة لمعنى
الشرط.
أبطل الدماء التي
كان يَطْلُب بها بعضُهم بعضاً فيدُوم بينهم التغاور والتناجز ، والأموالَ التي
كانوا يستحلونها بعقود فاسدة ، هي عقود رِبا في الإسلام ، والمفاخر التي كانت ينتج
منها كلّ شر وخصومه وتهاج وتَعَاد.
وأما دمُ ربيعة
فقد قُتِل له ابنٌ صغير في الجاهلية فأضاف إليه الدَّم ، لأنه وَلِيُّه ، وربيعة
هذا عاش إلى أيَّام عمر.
[وفي الحديث] :
مَنْ سَرَّة أَنْ يَبْسُط الله في رزقه ويَنْسَأَ في أَثَره فلْيَصِل رحمه.
قيل هو الأَجل ؛
لأنه يَتْبع العمر ، واسْتُشْهِدَ بقول كعب :
والمَرْءُ ما
عَاشَ ممدودٌ له أمَلٌ
|
|
لا يَنْتَهِي
العمْرُ حتَّى يَنْتَهِي الأثَرُ
|
ويجوز أن يكون
المعنى إن الله يُبقي أثرَ وَاصِل الرَّحمِ في الدنيا طويلاً فلا يضمحلّ سريعاً كما
يضمحل أَثر قاطع الرحم.
__________________