فدُقَّتْ ثَمَرَتُه ، ثم قال للجلَّاد : اضْرِب وارْجع يديك. ثم قال : بئس لعمرُ الله وليُّ اليتيم هذا! ما أدَّبت فأحسنت الأدب ولا سترتَ الخَرَبة. قال : يا أبا عبد الرحمن ؛ إنه لَابْنُ أخي ، وإني لأَجِدُ له من اللّاعَةِ ما أجده لوَلَدِي ، ولكن لم آله.
ثمَرَة السَّوط : العقدة في طرفه ، وإنما أمر بدقِّها لتَلِين ؛ تخفيفاً عنه ، وكذلك أمره برَجْع اليدين وهو ألَّا يَرْفَعهما عند الضرب ولا يمدّهما ، ويقتصر على أن يرجعهما رَجْعاً.
اللام في اليتيم لتعريف الجنس لا لِلْعَهْد ، لإسناد بئس إلى المضاف إليه ، لأنه لا يسند إلا إلى ما فيه اللام للجنس أو إلى ما أُضيف. والذي جوَّز الفصل بين بئس وفاعله بالقسم أنه تأكيد لمضمون الجملة ، فليس بأجنبي عنهما.
ما أدّبتَ : التفات إلى الرجل بالتقريع.
الخَرَبة : من قولهم : ما رأينا من فلان خَرَبة ؛ أي عيباً وفساداً. ومنه : الْخَارِب لعيشه في المال بالسَّرِقة ؛ وخراب الأرض : فسادُها لفَقْد العمارة.
اللَّاعة : فَعْلَة من لَاع يَلَاع : إذا وَجد في قلبه لَوْعة من شَوْقٍ أو حُزْن.
قال الأعشى :
مُلْمعٍ لَاعَةِ الفُؤَادِ إلى جَحْ |
|
شٍ فَلَاهُ عنها فَبِئْسَ الْفَالِي (١) |
ومثلها : امرأةٌ خافة ، وعين دَاءَة ؛ من خاف يخاف ، ودَاء يَدَاء ، والمراد من وجد اللّاعَة ، وهي النفس ، فحذف المضاف.
لم آله : أي مع فرط حرقتي ومحبّتي له لم أَدَّخِرْ عنه عركاً وتَأْدِيباً.
[ثمن] : ابن عباس رضي الله عنهما ـ الرَّشوة في الحكم سُحْت ، وثمن الدم ، وأُجرة الكاهن ، وأَجْر القَائِف ، وهديّة الشفاعة ، وجَعالة الغَرَق.
ثمن الدم : كسب الحجَّام.
القِيافة : أن يعرف بفطنةٍ وصدقِ فَراسَةٍ أنَّ هذا ابنُ فلان أو أخوه ، وكانت في بَنِي مُدْلج.
الجَعِيلة والجَعالة : الجُعْل ، وهو ما يُجْعل لمن يَغُوص على متاعٍ أو إنسان غَرِق في الماء.
[ثمر] : معاوية رضي الله عنه ـ دخل عليه عمرو بن مسعود ، وقد أسنَّ وطال عمره ، فقال له : كيف أنت؟ وكيف حالك؟ فقال : ما تسألُ يا أمير المؤمنين عمن ذَبُلتْ بَشرته ، وقُطِعَتْ ثمَرتُه ، وكَثُر منه ما يحبّ أن يقلّ ، وصَعُب منه ما يحبّ أن يذل ، وسُحِلت مَرِيرته
__________________
(١) البيت في ديوان الأعشى ص ٧.