المركبة الذوات من مادة وصورة ، والصورة منها هو الفصل البسيط لما هو كماله ، ثم كل صورة كمال ، وليس كل كمال صورة ، فإن الملك كمال المدينة ، والربان كمال السفينة ، وليسا بصورتين للمدينة والسفينة ، فما كان من الكمال مفارق الذات لم يكن بالحقيقة صورة للمادة وفى المادة. فإن الصورة التي هى فى المادة هى الصورة المنطبعة فيها القائمة بها ، اللهم إلا أن يصطلح فيقال لكمال النوع صورة النوع. وبالحقيقة فإنه قد استقر الاصطلاح على أن يكون الشىء بالقياس إلى المادة صورة ، وبالقياس إلى الجملة غاية وكمالا ، وبالقياس إلى التحريك مبدأ فاعليا وقوة محركة. وإذا كان الأمر كذلك فالصورة تقتضى نسبة إلى شىء بعيد من ذات الجوهر الحاصل منها ، وإلى شىء يكون به (١) الجوهر الحاصل هو ما هو بالقوة ، وإلى شىء لا تنسب الأفاعيل إليه ، وذلك الشىء هو المادة لأنها صورة باعتبار وجودها للمادة. والكمال يقتضى نسبة إلى الشىء التام الذي تصدر عنه الأفاعيل لأنه (٢) كمال بحسب اعتباره (٣) للنوع. فبين من هذا أنا إذا قلنا فى تعريف النفس إنها كمال كان أدل على معناها ، وكان أيضا يتضمن جميع أنواع النفس من جميع وجوهها ، ولا تشذ النفس المفارقة للمادة عنه. وأيضا إذا قلن : إن النفس كمال فهو أولى من أن نقول : قوة ، وذلك لأن الأمور الصادرة عن النفس منها ما هى من باب الحركة ومنها ما هى من باب الإحساس والإدراك ، والإدراك بالحرى (٤) أن يكون لها لا بما لها قوة هى مبدأ فعل ، بل مبدأ قبول. والتحريك بالحرى أن يكون لها لا بما لها قوة هى مبدأ قبول ، (٥) بل مبدأ فعل ، وليس أن ينسب إليها أحد الأمرين بأنها قوة عليه أولى من الآخر. فإن قيل لها : قوة ، وعنى به الأمران جميعا كان ذلك باشتراك الاسم. وإن (٦) قيل : قوة ، واقتصر على أحد الوجهين ، عرض من ذلك ما قلنا.
وشىء آخر وهو أنه (٧) لا يتضمن الدلالة على ذات النفس من حيث هى نفس مطلقا ، بل من جهة دون جهة. وقد بينا فى الكتب المنطقية أن ذلك غير
__________________
(١) به : ساقطة من م.
(٢) لأنه : لأنها د ، ك ، م
(٣) اعتباره : اعتبارها د ، ك ، م.
(٤) والإدراك ، والإدراك : والإدراك د ، ك.
(٥) قبول بل مبدأ : ساقطة من د.
(٦) وإن : فإن ك.
(٧) أنه : أنها ك ، م.