إذا كانت فى مادة ما حصلت بقدر من الكم والكيف والوضع والأين ، وجميع هذه أمور غريبة عن طبائعها ، (١) وذلك لأنه لو كانت الإنسانية هى على هذا الحد أو حد آخر من الكم والكيف والأين والوضع (٢) لأجل أنها إنسانية ، لكان يجب أن يكون كل إنسان مشاركا للآخر فى تلك المعانى. ولو كانت لأجل الإنسانية على حد آخر وجهة أخرى من الكم والكيف والأين والوضع ، لكان كل إنسان يجب أن يشترك فيه. فإذن الصورة الإنسانية بذاتها غير مستوجبة أن يلحقها شىء من هذه اللواحق العارضة لها ، بل من جهة المادة ، لأن المادة التي تقارنها تكون قد لحقتها هذه اللواحق فالحس (٣) يأخذ الصورة عن المادة مع هذه اللواحق ، (٤) ومع وقوع نسبة بينها وبين المادة ، إذا زالت تلك النسبة بطل ذلك الأخذ ، وذلك لأنه لا ينزع الصورة عن المادة مع جميع لواحقها ، ولا يمكنه أن يستثبت تلك الصورة إن غابت المادة ، فيكون كأنه لم ينتزع (٥) الصورة إن غابت المادة ، فيكون كأنه لم ينتزع الصورة عن المادة نزعا محكما ، بل يحتاج إلى وجود المادة أيضا فى أن تكون تلك الصورة موجودة (٦) له (٧). وأما الخيال والتخيل فإنه يبرئ الصورة المنزوعة عن المادة تبرئة أشد. وذلك لأنه يأخذها عن المادة بحيث لا تحتاج فى وجودها فيه إلى وجود مادتها. لأن المادة وإن غابت عن الحس (٨) أو بطلت ، فإن الصورة تكون ثابتة الوجود فى الخيال ، فيكون أخذه إياها (٩) قاصما للعلاقة (١٠) بينها وبين المادة قصما تاما ، إلا أن الخيال لا يكون قد جردها عن اللواحق المادية ، فالحس لم يجردها عن المادة تجريدا تاما ولا جردها عن لواحق المادة. وأما الخيال فإنه قد جردها عن المادة تجريدا تاما ، ولكن لم يجردها البتة عن لواحق المادة ، (١١) لأن الصورة التي فى الخيال هى على حسب الصورة المحسوسة ، وعلى تقدير ما وتكييف ما ووضع ما. وليس (١٢) يمكن فى الخيال
__________________
(١) طبائعها : طباعها ف.
(٢) والوضع : والواضع م.
(٣) فالحس : والحس د
(٤) فالحس ... اللواحق : ساقطة من م.
(٥) الصورة ... ينتزع ساقطة من د ، ف ، م.
(٦) موجودة : الموجودة م
(٧) له : لها م.
(٨) عن الحس : ساقطة من ف ، م.
(٩) أخذه إياها : أخذها د ، أخذها إياها م
(١٠) للعلاقة : العلاقة د.
(١١) تجريدا ... المادة : ساقطة من م.
(١٢) وليس : ليس م.