معنى واحد فى الإنسانية ، ليس على أن الإنسانية المقارنة لخواص (١) عمرو هى بعينها الإنسانية التي تقارن خواص زيد ، وكأن (٢) ذاتا واحدة هى لزيد (٣) ولعمرو كما يكون بالصداقة أو بالملك أو بغير ذلك ، بل الإنسانية فى الوجود متكثرة فلا وجود لإنسانية واحدة مشترك فيها فى الوجود الخارج حتى تكون هى بعينها إنسانية زيد (٤) وعمرو ، وهذا يستبين (٥) فى الصناعة الحكمية. ولكن معنى ذلك أن السابق من هذه إذا أفاد (٦) النفس صورة الإنسانية ، فإن الثاني لا يفيد (٧) البتة شيئا ، (٨) بل يكون المعنى المنطبع منهما (٩) فى النفس واحدا هو عن (١٠) الخيال الأول ؛ ولا تأثير للخيال الثاني ، فإن (١١) كل واحد منهما كان يجوز أن يسبق فيفعل هذا الأثر بعينه فى النفس ليس كشخصى إنسان وفرس.
هذا ، (١٢) ومن شأن العقل إذا أدرك أشياء فيها تقدم وتأخر أن يعقل معها الزمان ضرورة ، وذلك لا فى زمان ، بل فى آن. والعقل يعقل الزمان فى آن ، وأما تركيبه القياس والحد فهو يكون لا محالة فى (١٣) زمان ، إلا أن تصوره النتيجة والمحدود يكون دفعة.
والعقل ليس عجزه عن تصور الأشياء التي هى فى غاية المعقولية ، والتجريد عن المادة لأمر فى ذات تلك الأشياء ، ولا لأمر فى غريزة العقل ، بل لأجل أن النفس مشغولة فى البدن بالبدن ، فتحتاح (١٤) فى كثير من الأمور إلى البدن ، فيبعدها البدن عن أفضل كمالاتها. وليست العين إنما لا تطيق أن تنظر إلى الشمس لأجل أمر فى الشمس وأنها غير جلية ، (١٥) بل لأمر فى جبلة بدنها. فإذا زال عن النفس منا هذا الغمور وهذا العوق كان تعقل النفس لهذه أفضل التعقلات للنفس وأوضحها وألذها. ولأن كلا منا فى هذا الموضع إنما هو فى أمر النفس
__________________
(١) لخواص : بخواص ك.
(٢) وكأن : كأن ف
(٣) لزيد : لى م.
(٤) زيد : ساقطة من م
(٥) يستبين : نستبين ف ، سنبين ك ؛ سببين م.
(٦) أفاد : أفادت د ، ك
(٧) لا يفيد : يفيد د
(٨) شيئا : + آخر ك.
(٩) منهما : منها د ، ك
(١٠) عن : عن ك ، م.
(١١) فإن : وإن د.
(١٢) هذا : ساقطة من ك ، م.
(١٣) فى : ساقطة من د.
(١٤) فتحتاج : وتحتاج د.
(١٥) جلية : جبلته ك.