ثم من الأمور التي يجب أن يبحث عنها فى هذا الموضع هو أنا (١) كثيرا ما نرى الشبح وذا الشبح معا دفعة واحدة ونراهما متميزين ، أعنى أنا نرى فى المرآة شبح شىء ونراه أيضا بنفسه من جانب وذلك معا ، وعسى أن ذلك إنما (٢) يقع بسبب خطى شعاع أحدهما يصير إليه بالاستقامة ، والآخر على زاوية عكس. زاوية عكس. ولأن الواقعين (٣) على الشىء اثنان ، فمن جهة ذلك نراه اثنين فنحصل (٤) الآن هذا هل هو ممكن أو ليس بممكن. فنقول : إن وقوع جزءين على المبصر لا يوجب أن يرى الشىء (٥) الواحد اثنين ، فإن الشعاع عندهم كلما اجتمعت أجزاؤه (٦) على المبصر وتراكمت كان إدراكها إياه أشد تحقيقا وأبعد عن الغلط فى العدد. والخصوم معترفون بهذا ولا يوجبون أن شعاعا واحدا إذا رأى الشىء وحده كان واحدا ، فإن وقع عليه شعاع آخر واتصل به صار فى الرؤية (٧) بسببه غلط. على أنه لا يمكن أن يلمس شيئا واحدا شعاعان معا لا شعاعا أصل ولا شعاعا أصل وعكس. والشعاع جسم على ما يرونه ، لأن الجسم لا ينفذ فى الجسم ، بل يجوز أن يقع شعاع على شعاع. فإن سلكنا هذه (٨) السبيل لم يكن الإبصار بكليهما على سبيل اللمس ؛ بل يكون أحدهما يلمس والآخر يقبل منه ، وسواء كان الشعاعان طرفى خطين خرجا على الاستقامة أو أحدهما والآخر من جانب العكس.
فإذن إن كان هاهنا سبب فليس وقوع شعاعين على واحد مطلقا ، بل بشرط (٩) وهو أن أحد الشعاعين وقع عليه وحده ، والشعاع الثاني أيضا وقع معه على غيره. وهذا القسم يبطل بمرآتين توضعان متقابلتين ، فإن الأشعة لا تفترق فيهما من هذه الجهة ، بل كل شعبوب (١٠) شعاع فهو واقع على الاثنين جميعا. ومع ذلك فإن البصر يرى كل مرآة وشبحها دفعة. والشعاعان (١١) هاهنا لا يفترقان ، فلا يجوز أن يؤدى شعاع
__________________
(١) أنا : أن ك.
(٢) إنما : ساقطة من ف.
(٣) الواقعين : الواقع م.
(٤) فنحصل : فحصل ك.
(٥) الشىء : ساقطة من ف.
(٦) أجزؤاه : أجزاءه ف ، ك.
(٧) فى الرؤية : بالرؤية ف ؛ فى الراوية م.
(٨) هذه : هذا د ، ف ، ك.
(٩) بشرط : لشرط د ؛ بالشرط ك ، م.
(١٠) شعبوب : شعوب ك.
(١١) والشعاعان : والشعاعات م.