نفرد لتعرفنا ذات النفس بحثا آخر. ولو كنا عرفنا بهذا ذات النفس ، لما أشكل علينا وقوعها فى أى (١) مقولة تقع فيها. فإن من عرف وفهم ذات الشىء فعرض على نفسه طبيعة أمر ذاتى له لم يشكل عليه وجوده له ، كما أوضحناه فى المنطق. لكن الكمال على وجهين : كمال أول ، وكمال ثان (٢). فالكمال الأول هو الذي يصير به النوع نوعا بالفعل كالشكل للسيف. والكمال الثاني هو أمر من الأمور التي تتبع نوع الشىء من أفعاله وانفعالاته ، كالقطع للسيف ، وكالتمييز والروية والإحساس والحركة للإنسان. فإن هذه كمالات لا محالة للنوع ، لكن ليست أولى ، (٣) فإنه ليس يحتاج النوع فى أن يصير هو ما هو بالفعل إلى حصول هذه الأشياء له بالفعل ، بل إذا حصل له مبدأ هذه الأشياء بالفعل حتى صار (٤) له هذه الأشياء بالقوة بعد ما لم تكن بالقوة إلا بقوة بعيدة تحتاج إلى أن يحصل قبلها شىء حتى يصير بالحقيقة بالقوة صار حينئذ الحيوان حيوانا بالفعل. فالنفس كمال أول ، ولأن الكمال كمال للشىء ، (٥) فالنفس كمال الشىء ، (٦) وهذا الشىء هو الجسم ، ويجب أن يؤخذ (٧) الجسم بالمعنى الجنسى لا بالمعنى المادى (٨) ، كما (٩) علمت فى صناعة البرهان. وليس هذا الجسم الذي النفس كماله كل جسم ، فإنها ليست كمال الجسم الصناعى كالسرير والكرسى وغيرهما ، بل كمال الجسم الطبيعى. ولا كل جسم طبيعى ، فليست (١٠) النفس كمال نار ولا أرض ولا هواء ، (١١) بل هى فى عالمنا كمال جسم طبيعى تصدر عنه كمالاته الثانية بآلات يستعين بها فى أفعال الحياة التي أولها (١٢) التغذى والنمو. فالنفس التي نحدها هى كمال أول لجسم طبيعى آلى له أن يفعل أفعال الحياة.
لكنه قد يتشكك فى هذا الموضوع (١٣) بأشياء ، من ذلك أن لقائل أن يقول : إن هذا الحد لا يتناول النفس الفلكية فإنها تفعل بلا آلات. وإن تركتم
__________________
(١) أى : + شىء م.
(٢) ثان : ثانى م.
(٣) أولى : أولية د ، ك ، م.
(٤) صار : صارت م.
(٥) للشىء : الشىء م
(٦) الشىء : لشىء م.
(٧) يؤخذ : يوجد د
(٨) لا بالمعنى المادى : لا المادى د ، ف
(٩) كما : ساقطة من م.
(١٠) فليست : فليس د ، ك
(١١) ولا هواء : ساقطة من ف.
(١٢) أولها : ساقطة من د.
(١٣) الموضوع : الموضع ف.