وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٣٠).
«فكيف لو تناهت بكم الأمور وبعثرت القبور؟ (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (١).
ذلك وعلى حد قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): يمثّل يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دون الله فيتبعونهم حتى يوردوهم النار ثم تلا (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ ..) (٢) ولكن (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (٢١ : ١٠١) وإنما ورد النار خزيا هو للذين دعوا إلى أنفسهم ولعابديهم ، أم لم يمنعوهم عن عبادتهم ، ثم والأصنام المعبودة من دون الله خزيا لعابديها.
و «تبلو» من البلوى الاختبار ، ف (تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) تعني اختبارها حقيقة ما أسلفت دون غطاء وغشاء ، ف (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢).
فاختبار الإشراك والشركاء فاصحا واضحا لا غبار عليه أنهم ما كانوا شركاء ، وأن عبدتها ما كانت في الحق تعبدها ، إنما كانت تعبد أهواءها الناحية منحى رغباتها.
و (كُلُّ نَفْسٍ) تعني كل نفس خيرة أو شريرة ، وبمناسبة المقام الأخيرة إذ (ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
فكل ما أسلفت وقدمت من خير أو شر هنالك تبلوها ، اختبارا بصورها المستنسخة الحاضرة يوم الحشر ، وبسيرها الحاذرة شرا ، والباهرة خيرا وهي هيه جزاءها ، وفي خيرها (لَدَيْنا مَزِيدٌ).
ذلك وعين الحق تبلو هنا ما أسلفت ، وكما زيل الله بين المكلفين
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٠٢ عن نهج البلاغة.
(٢) الدر المنثور ٣ : ٣٠٧ ـ أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ..