هناك (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) زيادة على الحسنى ، وهنا (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ. تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) وهما وجوه القلب لمكان «تظن» (وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ..) إذ (كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) كلها بكل حقولها وجاه كل الحسنات فلا تعني من عنتهم الفساق من المؤمنين إذ هم مهما فسقوا ليسوا ليكسبوا كل السيئات فإنما هم (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢) ٨١).
ذلك إضافة إلى صراح آيات أن تلك هي وجوه الكفرة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ. تَرْهَقُها قَتَرَةٌ. أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (٨٠ : ٤٢) (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (٣ : ١٠٦) (تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (٣٩ : ٦٠).
ف (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) دون زيادة ، مما يدل على أن النار ليست أبدية دون نهاية إذ لا تماثل اللانهاية السيئات المحدودة التي لها ولآثارها نهاية : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (٤٢ : ٤٠) ـ (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (٤٠ : ٤٠) ـ (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢٨ : ٨٤) ـ (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦ : ١٦٠).
فهؤلاء «ترهقهم» وتغشاهم «ذلة» ذليلة ثم و (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) ولا عاصم اليوم إلا الله ، كأنما أغشيت وجوههم المقترة الذليلة المغبرة المظلمة (قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) ظلمات بعضها فوق بعض (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) وفناء من في النار مع النار ليس خروجا من النار ، وقد حدد خلود النار بما شاء الله في آيات ك (النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (٦ : ١٢٩) فشمول الاستثناء لكل الخالدين في النار يجمع بين خروج عن النار للمستحقين الجنة ، وعدمه لغيرهم حيث تخمد النار بمن في النار.
وما أمثله تمثيلا لهذه الوجوه المظلمة (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً