غضا للنظر عن هذا القرآن الذي هو أفضل وأبقى من كل آية.
والجواب هنا (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) لا أملك منه شيئا من الله (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) وفي أخرى (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٢٩ : ٥٠) فآيات الغيب هي ـ فقط ـ لله وعند الله ، فلا فارق بيننا في ذلك الانتظار إذ ليس الآية الغيب مني ولا أملكه من ربي حتى إذا استنزلها ينزّلها علي ، فإن (لَوْ لا أُنْزِلَ) واردة مورد النقد على رسالته ، كأنه قادر على أن ينزل آية من ربه ، و «الغيب» المحصور في الله هنا هو الآية الرسالية وكما في أخرى (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) بكل مراحل العندية ، علمية وقيومية ، وإنزالا في أصلها وكمها وكيفها ، فلا مدخل لي في الآيات الربانية ، وقد فصلنا القول على ضوء آيات أن الآيات الرسالية محصورة بكل أبعادها في الله ، هنا ينفض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ على محتده العظيم الرسالي القمة ـ ينفض يديه عن كافة اختصاصات الربوبية تخويلا وتوكيلا وخلافة ووزارة أماهيه من ممثلات الربوبية ، مصرحا أنني وإياكم على سواء أمام الآية الربانية علما وقدرة (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ)(٢١).
«الناس» هم الناس حيث أكثرهم النسناس ، فالنسيان يغمرهم في رحمة الله بعد ما تعمرهم ف (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) تحويلا لها عن ووجهها المتجه إلى الله إلى غير وجهها ، استقلالا لها أم استغلالا إياها ، منقطعة الرباط عن الله سبحانه وتعالى عما يشركون.
وهنا «قل» لهم أولاء الماكرين الحاكرين آيات الله ، الناكرين دلالاتها (اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً) استدراجا لهم من حيث لا يعلمون وإملاء لهم بكيد متين ومنه (إِنَّ رُسُلَنا) البشرية والملائكية والكونية والجوارحية «يكتبون» تسجيلا للأفعال والأصوات والنيات كلا على حسبه (ما تَمْكُرُونَ).