يأمركم بعبادته دون من دونه ، وإن الشفاعة عنده ليست إلّا باذنه ، وكيف يعبد الشفيع الميت ولا يعبد المشفّع عنده وهو رب كل شيء.
فما أسفههم وأسخفهم فيما يقولون ، فجدير بهم ذلك الخطاب الساخر المستنكر (أَتُنَبِّئُونَ اللهَ ..). أن هذه العبادة المنحرفة الحمقاء تدل على أنهم يعلمون ما لا يعلمه الله.
ولقد تشابهت قلوب هؤلاء الحماقي الأنكاد ، قلوبا من المدعين أنهم أتباع شرعة القرآن ، وهم يشتغلون بكافة الكتب الدراسية في حوزاتهم إلّا القرآن قائلين غائلين : إن كلام الله أرقى وأعلى من أن نفهمه نحن ، و «من فسر القرآن برأيه» يمنعنا عن التفكير في القرآن ، وأن القرآن ظني الدلالة لا يفهم إلّا بدلالة الحديث ، وهل إن ظواهر القرآن حجة ، وما أشبه من هذه الدعايات الزور والغرور ضد القرآن بنقاب الحفاظ على كرامة القرآن.
ومن قولهم : إن هذه الدروس الحوزوية تشفعنا للوصول إلى معاني القرآن ، ولا تمت بصلة للتعرف إلى معارف القرآن! بل هي تبعّدهم عنها ، ثم وأنّى يصلون إلى القرآن بهذه المقدمات المدّعاة وهي تشغل كل أعمارهم حتى الموت!.
أجل ـ أولئك يقولون (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) ـ (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) وهؤلاء يقولون : هذه الدروس تشفعنا لتفهم القرآن ، ونحن لا نليق أن ندخل بلدة القرآن دونها ودون الأحاديث التي تفسره!.
رغم أن القرآن هو أبين تفسير لنفسه وأفضل بيان ، والكاتمون لكون القرآن بيانا وتبيانا هم من الملعونين في القرآن : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (٢ : ١٥٩) فسواء أكانوا يكتمون القرآن عن بكرته ، أم يكتمون كون القرآن بيانا للناس.
(وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ