سالمون في الصحة قبل السقم ، وفي الفسحة قبل الضيق ، فاسعوا في فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها ، أسهروا عيونكم ، وأضمروا بطونكم ، واستعملوا أقدامكم ، وأنفقوا أموالكم ، وخذوا من أجسادكم ، فجودوا بها على أنفسكم ، ولا تبخلوا بها عنها فقد قال الله سبحانه : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) وقال تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) فلم يستنصركم من ذلّ ، ولم يستقرضكم من قلّ ، استنصركم وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ، واستقرضكم وله خزائن السماوات والأرض وهو الغني الحميد ، وإنما أراد أن يبلوكم أيكم أحسن عملا ، فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره ، وافق بهم رسله ، وأراهم ملائكته ، وأكرم أسماعكم أن تسمع حسيس نار أبدا ، وصان أجسادكم أن تلقى لغوبا ونصبا (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) أقول ما تسمعون والله المستعان على نفسي وأنفسكم وهو حسبنا ونعم الوكيل» (الخطبة ١٨٢).
ومن قوله في وصية له خاصة للحسن (عليهما السلام) اختصارا فيما يلي :
«ومن الوالد الفان ، المقرّ للزمان ، المدبر العمر ، المستسلم للدهر ، الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى ، الظاعن عنها غدا ، إلى المولود المؤمّل ما لا يدرك ، السالك سبيل من قد هلك ، غرض الأسقام ، ورهينة الأيام ، ورميّة المصائب ، وعبد الدنيا وتاجر الغرور ، وغريم المنايا ، وأسير الموت ، وحليف الهموم ، وقرين الأحزان ، ونصب الآفات ، وصريع الشهوات ، وخليفة الأموات ـ
أما بعد ، فإن فيما تبيّنت من إدبار الدنيا عني ، وجموح الدهر علي ، وإقبال الآخرة لي ، ما يزعني عن ذكر من سواي ، والاهتمام بما