هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)(١٢٠).
«وكلا» مما مضى ويأتي من أبناء (نَقُصُّ عَلَيْكَ) قصا تاريخيا صالحا (مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) : هي أخبارهم ذات الفوائد العظيمة الجسيمة كما تقتضيه الحكمة الربانية الخاصة لتبنّي رسالتك (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) على ما أمرت به ومن تاب معك من الاستقامة.
فلقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يجد من قومه ، ومن انحرافات النفوس وأعباء الدعوة بين مختلف الخرافات المعرّقة في هذه النفوس ، كان يجد ما يحتاج إلى تسلية ربانية بقصّ أنباء الرسل ، ليجتاح ما قد يخلد بخلده المنير من تعب أمام هذه العراقيل ، أم يأس عن تأثير الدعوة الصالحة ، مع أنه هو الصابر الثابت المستمر الصامد ، ولكنه على كلّ حال عبد من عباد الله ، يحتاج إلى تسليات الله ، تثبتا له في تبكيت أعداء الله ، تثبيتا بأنباء الرسل ، وتثبيتا هو الأصل له بتنزيل القرآن عليه طول حياته الرسولية نجوما متتالية : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٢٥ : ٣٢).
ذلك ، ومن قبل أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بتحضير نفسه المقدسة لهبوط ذلك القول الثقيل الثقيل حيث يثقله ويثبته في دعوته : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً. إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) (٧٣ : ١ ـ ٧).
ثم (وَجاءَكَ فِي هذِهِ) القصص «الحقّ» و «في» «هذه» الآيات القرآنية ، و «هذه» الشرعة الأخيرة و «هذه» الحياة الدنيا ، (جاءَكَ الْحَقُ) كله ، ما لم يجئ لسائر الرسل ، فأنت ـ إذا ـ على الحق كله ، ثم وهو (مَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) بهذه الرسالة السامية ، تعظهم بما سلف للسالفين ، وتذكّرهم ما يحق لهم من الحق من رب العالمين.
ذلك ، وإذا تكملت العدات القيمة بعداتها فيك وفي الذين تابوا معك ، فلا ضعف ولا فشل ولا فتور ، فلا خوف ـ إذا ـ من الذين كفروا