نفسه مأذونا وسواه ، فقد تشمله (مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي).
أجل ، فكما أن الربوبية الإلهية مختصة في الأصل بربنا ولا تتعدد أبدا ، كذلك هي ليست لتقبل التفويض ، فإنه تفويض لساحة الربوبية ، وتبعيض لها بينه وبين خلقه.
ولئن أمكن أن يخلق الله إلها ثانيا ، لكان بالإمكان أن يأذن في ربوبية ثانية!.
والولاية الطليقة تكوينية وتشريعية هي من ميزات الربوبية الوحيدة غير الوهيدة ، أنها لا تقبل وكالة أو نيابة أو خلافة أو تفويضا.
ذلك ، وكل التنديدات بالمشركين في آياتها هي تأكيدات على عدم إمكانية ـ فضلا عن وقوع ـ لانتقال الربوبية إلى خلق أيا كان وأيان.
وليست الرسالة من شئون الربوبية حتى يتنقض بها هذه الضابطة السلبية ، إذ ليس الله رسولا ، فإنما الرسالة كما العبودية هي من اختصاصات الخلق بما قرر الله أو قدر ، فالعبودية حاصلة دون حدّ ، والرسالة تحصل بما يحدد الله.
فانتقال الربانية في أي حقل من حقولها مستحيل ، كما ولا ينتقل من الله شيء فيما يخلق ، إذ لم يلد ولم يولد.
ولو أن الربانية تنتقل إلى غير الرب فهي ـ إذا ـ حادثة ، إذ كلما في الخلق بحذا فيره هو حادث ليس إلّا ، فترى أن ولاية التكوين والتشريع التي هي من شئون الربوبية الأصلية ، كيف تنتقل بوكالة أم نيابة أم خلافة إلى رسل ، ليسوا إلا حملة أحكام الله ، فليس من تلقاء أنفسهم شيء في حقل الرسالة ولا نقير.
ذلك ، فليس انتقال الربانية مستحيلا ـ فقط ـ في حقل التجافي عنها ، بل وخلق مثلها في الخلق ، إذ كما أن الربانية الإلهية غير مخلوقة ، وإنما المخلوقة هي الخلائق المربوبون ، كذلك الربانية المخلوقة للخلق لا بد وأن تكون غير مخلوقة وذلك تناقض بيّن ، والمخلوقة منها ليست