ورحمة قضية أن (رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) رحمة بعد العدل ، ثم مشيئته الأخرى تطول رحمة أهل الجنة فضلا منه وإحسانا ، قضية (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
ف (ما دامَتِ ..) تحدد ـ كأصل ـ أمد السماوات والأرض يوم القيامة ، و (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) تقصّر أمد النار وتكثر أمد الجنة.
فهذه الآيات هي منقطعة النظير في مثلث الدلالة ، أمدا للسماوات والأرض يوم القيامة ، وأبدا لا نهائيا لأهل الجنة ، وأمدا قبل انتهاء السماوات والأرض لأهل النار!.
ففي الحق قد يصح القول ـ كما يروى عن الباقر (عليه السلام) ـ : «في ذكر أهل النار استثنى وليس في ذكر أهل الجنة استثناء» (١).
ذلك لأن ظاهر الاستثناء هو عن موجب هو التقصير ، وأما التطويل فغير داخل فيه ، إلّا بدليل قاطع وهو هنا (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
ذلك ، ومن الداخل في تقصير الاستثناء هو (زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) و (خالِدِينَ فِيها) فقد لا يخلد في النار شقي حيث يذوق وبال أمره فيخرج منها إلى الجنة دون زفير وشهيق ، أم بعد زفير وشهيق ، ثم الأشقون يؤبدون ما هم أحياء ثم يفنون بفناء النار قبل فناء السماوات والأرض ، ويظل أهل الجنة في الجنة وهم عند سدرة المنتهى وهي فوق السماء السابعة ، فلا يضرهم ولا جنتهم تفطر السماوات والأرض ، كما لم يضر تفطرهما يوم الدنيا فإنها (جَنَّةُ الْمَأْوى) ، (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) ولا دليل على زوال الكون عن بكرته ، إلا تفطر السماوات والأرض ، وجنة المأوى خارجة عنهما!.
ثم (يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) في وجه القيامة وهو الأوجه ، قد تعني «له» لصالح الحساب الجمعي ، حيث الأعمال لها واجهتان اثنتان ثانيتهما
__________________
(١). نور الثقلين ٢ : ٣٩٩ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال : ..