النار. فأين إذا اللّانهائية الحقيقية لخلود النار؟.
فقد برزت هذه الآية صارحة صارخة في هذه الإذاعة القرآنية ـ إلى جنب سائر البراهين المتجاوبة معها ـ أن الخلود اللّانهائي للآبدين في النار هو خرافة جارفة ظالمة ، مهما زخرفت بفلسفات وعرفانيات أم وروايات ، إذ هي كلها بما أشبهها من توجيهاتها تطارد ذلك النص الباهر!.
ولأن (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) لا تدل بنفسها على لا نهائيتهما ، فليس (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) استثناء عن نص اللانهائية ، بل هي تطارد زعمها بالنسبة لأهل النار ، ثم (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) تثبتها لأهل الجنة.
ذلك ، وأما الاستثناء عن خلود أهل الجنة فقد يعني أكثر من دوام السماوات والأرض وهو اللّانهاية قضية (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) وهناك قاطعة البراهين الدالة على أمد النار وأن ليس للجنة أمد ، إنها تؤيد الفارق بين خلود الجنة والنار.
ذلك ، وقد تعني (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) على أن لهما أمدا مهما كان أطول من دوامهما يوم الدنيا ، فلأهل النار الخلود ما دامتا (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) فهو خارجون عنها قبل خرابهما ، ولأهل الجنة الخلود ما دامتا ، انقطاعا بانقطاعهما (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) من عدم انقطاعها عنهم بانقطاعها قضية (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
ف «دام» بنفسها لا تدل على اللّانهاية ، فضلا عن «ما دام» فان «ما» تحدد ذلك الدوام وإن كان يعنى اللّانهائية ، ولا يعنيها ، فقد تكون «ما دام» نصا في نهايتهما ، ثم لا دليل على لا نهائية سماوات القيامة وأرضها اللهم إلّا (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) الدالة على بقاء الجنة بعد خرابهما! فبعد أن لم يكن أبد الجنة دليلا على لا نهايتها ، نجد (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) تفسره باللّانهاية.
إذا ف «ما دامت» إشارة لطيفة إلى انتهاء سماوات القيامة وأرضها ، كانقطاعهما يوم الدنيا ، إلّا أن مشيئة الله تقصّر عذاب أهل النار عطفا منه