تساءلات تشابه (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) تعريضا بضدهما حيث الحليم الرشيد لا يدعوا لما لا يخصه دون صلة بين اختصاصه واختصاص الآخرين! فليس من الرشد أن ينظر الإنسان إلى مجتمعه من منظره الشخصي ، فإذا هو مسلوب الحرية بصلاته أم أية صلاته ، يحاول أن يسلب ـ كذلك ـ حريات الآخرين!.
فلا حجة في صلاتك أن نترك نحن الجماهير حرياتنا العقيدية والعملية ، فلأن أنفسنا هي أنفسنا وأموالنا هي أموالنا ، فكلا التحديد والتهديد لما نعتقد أو نعمل خارجان عن الطريقة السليمة المألوفة بين بني نوع الإنسان.
ذلك لأنهم أجمع على مختلف دركاتهم لم يعرفوا صلة العقيدة الصالحة بصالح الحياة الإنسانية حاضرة في كل حقولها ، فأول ما تصلحه العقيدة الصالحة هو الحياة الحاضرة ومن وراء الأخرى التي هي من خلفياتها (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
وهنا يتلطف شعيب كأن لم يسمع إلى هذه السخرية ، حاسبا أنهم يتطلبون بينة يسندون إليها كسائر الدعاة إلى الله الذين يحاولون في حمل الناس إلى الحق دون صغي لباطلهم العاطل ، ولا إجابة عن سخرياتهم الهازئة :
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(٨٨).
(عَلى بَيِّنَةٍ) كسائر بينات الرسل في المغزى والمعنى ، والرسول بنفسه بينة تبين حق رسالته ، ثم (وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) فلا أخالفكم في قضية الفطرة والعقلية السليمة أو الشرعة الربانية ، ولا أخالفكم بصلاتي إلى ما أنهاكم عنه ، فالفطرة والعقلية السليمة ورسالات