(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧).
هناك إبراهيم يوجس منهم خيفة حيث رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه ، وهنا لوط (سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) حيث يخاف عليهم قومه الهاتكين الفاتكين حيث يهرعون إليه (وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) : شديد البلاء (١).
ولأن الذرع هو مقايسة الأطوال ، من أصل الذراع : العضو ، حيث كان يقاس به ، فضيق الذرع هو عجزه عن القياس ، كناية عن انسداد كل الحيل عليه في ذلك المضيق العصيب ، وكما قال (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (٨٠).
فهؤلاء الرسل على جمالهم المنقطع النظير ، وهم بهيئة الذكور ،
__________________
ـ قوم لوط مضوا حتى أتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة فسلموا عليه فلما رآهم رأى هيئته حسنة وعليهم ثياب بيض وعمائم بيض فقال لهم : المنزل؟ قالوا : نعم ، فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه عليهم المنزل فالتفت إليهم فقال : انكم تأتون شرار خلق الله وكان جبرئيل قال الله له : لا تعذبهم حتى يشهد عليهم ثلاث شهادات ، فقال جبرئيل : هذه واحدة ، ثم مشى ساعة فقال : إنكم تأتون شرار خلق الله فقال جبرئيل : هذه ثنتان ، ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال : إنكم تأتون شرار خلق الله ، فقال جبرئيل : هذه ثلاث ثم دخل ودخلوا معه منزله فلما بصر بهم امرأته أبصرت هيئته حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون إليه حتى وقفوا بالباب فقال لوط : (فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) ثم كابروه حتى دخلوا عليه قال : فصاح جبرئيل يا لوط دعهم يدخلوا ، قال : فدخلوا فأهوى جبرئيل إصبعيه وهو قوله : فطمسنا أعينهم ثم قال جبرئيل : «إنا رسل ربنا لن يصلوا إليك».
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٤٤ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إن الناس كانوا أنذروا قوم لوط فجاءتهم الملائكة عشية فمروا بناديهم فقال قوم لوط بعضهم لبعض لا تنفروهم ولم يروا قوما قط أحسن من الملائكة فلما دخلوا على لوط (عليه السلام) راودوه عن ضيفه فلم يزل بهم حتى عرض عليهم بناته فأبوا فقالت الملائكة : إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، قال : رسل ربي؟ قالوا : نعم ، قال لوط : فالآن إذا.