فيا للضحكة الحائضة من فاضحة واضحة ليس ليصدقها إلا من لا يعرف عن أدب اللفظ والمعنى شيئا ولا فيئا.
ذلك ، ولكن بشرى الولادة كانت قبل بشرى العذاب كما تبينها آيات الحجر : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ. قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ. قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ. قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ. قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ. إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) (١٥ : ٦٠).
فقد كانت بشرى الولادة قبل بشرى العذاب ، وقد ضحكت امرأة إبراهيم قبلهما حيث تأخرت بشرى الولادة عن ضحكها (فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) فلم يكن ضحكها ـ إذا ـ إلا لمجيء المرسلين الحاملين بطبيعة الحال بشرى ، والمترقّبة القريبة منها بشرى العذاب ، كما المستبعدة الغريبة هي بشرى الولادة :
(قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)(٧٣).
«قالت» «بعد ما بشرناها ..» وهذه القولة هي طبيعة الحال من عجائز أمثالها لا سيما مع شيخوخة البعولة «قالتء ألد وأنا عجوز» (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)؟ فكيف يأتي ولد من والدين عجوزين لا يأتي منهما ولد بطبيعة الحال ، وهو عجيب ـ لو خلي وطبعه ـ حقا فالمرأة ينقطع طمثها عادة في حالة من سنيّها معينّة معنية بطبيعتها ، فلا تحمل ، ولكن لا عجب من قدرة الله وعنايته عجابا يستبعد معه وعده المحتوم.
(قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) الذي نحمله بشارة بذلك الميلاد ، وليس يعجز عن تحقيق أمره مهما عجزت العادة الجارية المستمرة في الإيلاد ، وليس ذلك فوق ولادة المسيح دون والد ولا يساميها! فالعادة