(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (١٨ : ٥٨) (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (١٦ : ٦١).
«لو» هنا تحيل تعجيل الشر فقضاء الأجل إلى تأجيله وقت قضاء الأجل ، إملالا وإمهالا واستدراجا قضية حياة التكليف الامتحان.
هنا الله يستعجل الناس بالخير رغم استحقاقهم الشر ، فخير الحياة والأموال والبنين وما يشتهون يستعجل لهم فيها لينظر كيف يعملون ، وشرها يستأجل لهم فيه إلى يوم لقاءه جزاء بما كانوا يعملون.
فتخلفات النسناس من الناس تقتضي عقابا عاجلا فيه قضاء أجلهم ، إلا أن في ذلك قضاء على فسحة الامتحان ، وتبديلا لدار البلية والامتحان إلى دار الجزاء الامتهان.
فلأن رحمته سبقت غضبه فقد يقدم رحمته على غضبه فيؤجل مؤاخذة العصاة إلى أجلهم المقرر لهم : (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (١٨ : ٥٨).
وهنا «استعجالهم» من إضافة المصدر إلى مفعوله وهو الله ، أم وإلى فاعله حيث تعني استعجال الناس إلى الخير (١) فلو أن الله يستعجل لهم الشر عقوبة كما يستعجلون الخير وهو ما يلائم أهوائهم فقد يعني «الخير» كما هنا ما يختارونه بأهوائهم الطائشة : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (١٠٠ : ٨) أمّا هو أعم منه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) (٢٢ : ١١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٩٥ في تفسير القمي في الآية قال : لو عجل الله لهم الشر كما يستعجلون الخير لقضي إليهم أجلهم أي فرغ من أجلهم.