الدنيا حتى يتكلموا بها صناعة أو زراعة أو تجارة أو دراسة أماهيه.
ذلك وعلى حد المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا قالوا سبحانك اللهم أتاهم ما اشتهوا من الجنة من ربهم» (١) وتراهم ـ إذا ـ بكما عن أي كلام إلا هذا ، فلا محادثة بينهم ولا مؤانسة بأي كلام إلا إياه؟ إنهم يتحادثون ويتآنسون مع بعضهم البعض ، ولكنها كلها تحوم حوم «لا إله إلا الله» وأية حظوة لهم روحية مثلها ثم الخطوات الجسمية هي رهن المشيئة (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (٥٠ : ٣٥) ، فهم أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم هي كلها تفاصيل ل «لا إله إلا الله» كما المؤمن المخلص في حياة التكليف ، مهما كان بين الحالتين بون قضية اختلاف النشأتين ، ثم «تحيتهم» من الله ومن أنفسهم بعضهم بعضا «سلام» قوليا وعمليا ، فليس لهم هناك من إله ومنهم إلا سلام يشمل كافة الخيرات والبركات في الجنة.
ذلك ، وقد تعني «دعواهم» بدايتها ثم «آخر دعواهم» نهايتها ، فكل كلام لهم محتف بهما مهما كان ، لا يخرج عن تفاصيلهما.
أو تعني «دعواهم» ذكرهم دعاء وخطابا ، مهما كانت لهم قالات أخرى ، حيث الدعوى وهي مصدر دعى تعني خصوص الدعوة الطالبة ، ولا تطلب هنا إلا من الله دون سواه ، خلاف الحياة الدنيا حيث هي حياة التداعي ذريعة إلى حاجياتها ، ولكن المدعو هناك إنما هو الله لا سواه ، وعلى أية حال فهم ليسوا ليحرموا في الجنة من قالات الإيمان ومحادثاته ومؤانساته و (لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٥٠ : ٣٥).
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٠١ ـ أخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ..