مرضاته ، وأمدّهم بفوائد المعونة ، وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السكينة ، وفتح لهم أبوابا ذللا إلى تماجيده ، ونصب لهم منارا واضحة على أعلام توحيده ، لم تثقلهم موصرات الآثام ، ولم ترتحلهم عقب الليالي والأيام ، ولم ترم الشكوك بنوازعها عزيمة إيمانهم ، ولم تعترك الظنون على معاقد يقينهم ، ولا قدحت قادحة الأحن فيما بينهم ، ولا سلبتهم الحيرة ما لاق من معرفته بضمائرهم ، وسكن من عظمته وهيبة جلاله في أثناء صدورهم ، ولم تطمع فيهم الوساوس فتقترع برينها على فكرهم ، منهم من هو في خلق الغمام الدّلّخ ، وفي عظم الجبال الشّمّخ ، وفي قترة الظّلام الأيهم ، ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض السفلى ، فهي كرايات بيض قد نفذت في مخارق الهواء ، وتحتها ريح هفّافة تحبسها على حيث انتهت من الحدود المتناهية ، قد استفرغتهم أشغال عبادته ، ووصلت حقائق الإيمان بينهم وبين معرفته ، وقطعهم الإيقان به إلى الوله إليه ، ولم تجاوز رغباتهم ما عنده إلى ما عند غيره ، قد ذاقوا حلاوة معرفته ، وشربوا بالكأس الرويّة من محبته ، وتمكنت من سويداء قلوبهم وشبحة حيفته ، فحنوا بطول الطاعة اعتدال ظهورهم ، ولم ينفذ طول الرغبة إليه مادة تضرّعهم ، ولا أطلق عنهم عظيم الزلفة ربق خشوعهم ، ولم يتولوا الإعجاب فيستكثروا ما سلف منهم ، ولا تركت لهم استطانة الإجلال نصيبا في تعظيم حسناتهم ، ولم تجر الفترات فيهم على طول دؤوبهم ، ولم تغض رغباتهم فيخالفوا عن رجاء ربهم ، ولم تجفّ لطول المناجاة أسلات ألسنتهم ، ولا ملكتهم الأشغال فتنقطع بهمس الجوار إليه أصواتهم ، ولم تختلف في مقاوم الطاعة مناكبهم ، ولم يثنوا إلى راحة التقصير في أمره رقابهم ، ولا تعدوا على عزيمة جدّهم بلادة الغفلات ، ولا تنتضل في هممهم خدائع الشهوات ، قد اتخذوا ذا العرش ذخيرة ليوم فاقتهم ، ويمموه عند انقطاع الخلق إلى المخلوقين برغبتهم ، لا يقطعون أمد غابة عبادته ، ولا يرجع بهم الاستهتار بلزوم طاعته ، إلّا إلى موادّ من قلوبهم غير منقطعة من رجاءه ومخافته ، لم تنقطع أسباب الشفقة منهم فينوا في جدّهم ، ولم تأسرهم الأطماع فيؤثروا وشيك السعي على اجتهادهم ، ولم يستعظموا ما مضى من أعمالهم ، ولو استعظموا ذلك لنسخ الرجاء منهم