مؤمنون ، فقد تزول هذه الغشاوات عن وجه السلب والإيجاب ، سلبا يحلّق على كل ما لا يليق بساحته سبحانه ، وإيجابا يحلق على كل ما يليق بجنابه ، فقد يصفونه تعالى كالعباد المخلصين ف (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٣ : ١٦) وهم يصفونه في الجنة : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) (٧ : ٤٣) (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) (٣٥ : ٣٤) (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) (٣٩ : ٧٤).
صحيح أن كل عباد الله يحمدون الله ولا سيما في صلواتهم ليل نهار ، ولكن أين حمد من حمد ، هنا محجوب وهناك غير محجوب.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا قال العبد سبحان الله سبح كل شيء معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها ، وإذا قال : الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد لله وذلك قوله : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ ...)(١).
وقد يعني من انقطاع الكلام في الدنيا الذي يختص بحاجيات الدنيا ومحاصيلها وكما في آخر «وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد» ، فلا كلام ـ إذا ـ في الجنة إلا ما يحول حول التوحيد مع الله وعباده ، أو ما يحول حول السلام مع عباده ، إذ لا حاجة لهم إلى محاويج
__________________
(١) في الإختصاص بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : .. وفي العلل بإسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آباءه عن جده الحسن بن علي (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل في تفسير «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» وفي آخره قال : وإذا قال العبد الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعم الآخرة وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها وينقطع الكلام ... وذلك قوله عزّ وجلّ : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).