علّهم ينجون من كرور دعوته ووفور دعايته وهي : (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) في البشرية ، ولا بد أن يكون الرسول إلى البشر من صنف هو أعلى من البشر كالملائكة ـ كما يقوله البراهمة ـ متغافلين أن الملائكة ليسوا كأصل أفضل من البشر ، وحتى لو كانوا أفضل منه ، ففي البشر نفسه تفاضلات من الناحية الروحية كسائر التفاضلات ، أو ليس المتحكم على جمع مفضلا عليهم طوعا أو كرها؟ أم لا يتفاضلون أبدا فيما بينهم أنفسهم بالقيم الزائفة وهم أمثال في البشرية؟. ولكنهم لما لم يجدوا في نوح مقياس الفضيلة الظاهرة أنكروا رسالته الربانية.
ثم (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) وهو الرأي البادي الأول ، قضية بادي النظر ، رغم أن بادي الرأي هو دون تأمل ونضج ، لا يعتمد عليه ، فقد أجابوا عن حجتهم هذه اللجة ب (بادِيَ الرَّأْيِ).
فلئن اتبعك أفاضلنا بادي الرأي لكنّا نفضلك علينا رغم أنك بشر مثلنا.
فمن ثم (ما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) تتفضلون به علينا بالرسالة ، لا فيك يا نوح ولا في أتباعك القلة الذليلة الرذيلة.
وهنا «ما نرى» في ثالوثها ، سناد إلى عدم الرؤية البادية وهي الحسية الخسيسة التي يتبناها الحسيون الناكرون لما وراء الحس ، ثم «بادى الرأي» وهو الرأي دون غور وتأمل الذي مجاله وراء الحس أم والحس فيما يحتاج إلى تأمل ، ثم «نظنكم» سنادا إلى غير العلم في النكران.
وكيف تكذّب رسالة الله ب «ما نرى» «بادي الرأي» «نظنكم» وهو جهالة مثلثة مفلّسة؟!.
ف «ما نرى» الأولى تتبنى ظاهرة البشرية ، أننا لا نجدك إلّا مثلنا فيها ، فكيف تتفضل علينا ولا فضل لك علينا ، متجاهلين الفضائل الروحية غير الحسية.
و «ما نرى الثانية» تتبنى ظاهرة الفقر الذي يعبرون عنه بالرذالة ،