تلك ضفة الكفر وهذه ضفة الإيمان وعمل الصالحات للإيمان ، وترى كيف (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) وإلى م يهديهم؟ يهديهم ربهم بإيمانهم الذي طبقوه بعمل الصالحات إلى إيمان أعلى بربهم وكما يؤمرون به (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (٤ : ١٣٦) كما ويهديهم إلى صالحات هي أصلح مما سلف ، ثم ويهديهم بعد موتهم بإيمانهم إلى جناته : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) حيث (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) (٦٦ : ٨).
(دَعْواهُمْ فِيها) على طول خط الخلود الأبد (سُبْحانَكَ اللهُمَ) عما وصفك به الجاهلون ، وعن كل نقص وشين (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) مما يدل على أن السلام هو أعلى قمم التحيات ، تحيتهم من الله وتحية بعضهم بعضا اعتبارا بوجهي الإضافة ، إلى الفاعل أو المفعول ، ثم (وَآخِرُ دَعْواهُمْ) التي لا دعوى لهم غيرها (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فقد جمعوا حياتهم في الجنة بين كلمة السلب والإيجاب من «لا إله إلّا الله» وكما عاشوها في حياة التكليف.
ولا تعني «آخر» هنا آخر أعمارهم في الجنة إذ لا آخر لها ولا لأعمارهم ، بل القصد إلى آخر دعواهم وجاه أول دعواهم اللذين يشكلان كلمة الإخلاص ، فقد تشكل دعواهم من (سُبْحانَكَ اللهُمَ) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أم ليست لهم دعوى فيها إلا (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
أجل ، ولأنه الانطلاق من هموم الحياة الدنيا وشواغلها ومشاغلها والارتفاع عن ضروراتها وحاجاتها وحاجياتها ، والرفرفة في آفاق الرضا والتسبيح والحمد والسلام ، إذا فأقصى ما يشغلهم حتى ليوصف بأنه «دعواهم» هو تسبيح الله وحمده والسلام على عباده حيث يتخلل بين التسبيح والحمد.
ومهما كان في حياة التكليف غشاوات عن صالح السلب هذا وإيجابه قضية الحجابات المسدولة بين أهل الحق وحاق الحق رغم أنهم ب