الشيطان ، فقد يبغون سبيل الله نفسها عوجا أن يصوروها بصورة الباطل فيخيّل إلى الجاهل أنه باطل ، وأخرى يبغون السبيل كلها عوجا ، فضمير التأنيث راجع إلى سبيل الله في الأول ، وإلى سبيل ـ فقط ـ في الثاني ، (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) كأن ليس هناك كافر بالآخرة إلّا إياهم ، حيث الصادّ عن سبيل الله وهو يبغيها عوجا بين منكر لله ، أم ـ لأقل تقدير ـ منكر بالآخرة.
(أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ)(٢٠).
«أولئك» الذين يصدون عن سبيل الله (لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ) الله ورسل الله والمؤمنين بالله (فِي الْأَرْضِ) مهما أرعدوا وأبرقوا (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) يوالونهم في صدهم ، ثم و (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) قدر ما يضاعفون في صدهم عن سبيل الله ، خروجا لهم عنها وإخراجا منها للسالكين فيها ، وهم (ما كانُوا) يوم الدنيا (يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) للحق إذ صمّوا عنه حتى صمّت آذان قلوبهم (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) الحق إذ تعاموا عنها (فَعَمُوا وَصَمُّوا) (٥ : ٧١) و (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٤١ : ٢٣) فقد «هديناهم (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) (٤١ : ١٧) فأعميناهم بما عموا وصممناهم بما صموا.
وترى لما ذا هنا الإختصاص بالأرض في سلبية الإعجاز؟ لأن العاجز من الإعجاز في الأرض التي يعيشها هو أعجز من الإعجاز في السماء : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٢٩ : ٢٢).
ثم (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) قد تعني «ما» فيهما كلا النافية والموصولة أو الموصوفة ، فقد يضاعف لهم العذاب لكونهم مستطيعي السمع والإبصار وهم لا يسمعون أو يبصرون ، تركا للتكليف المستطاع ، كما ويضاعف لهم العذاب إذ تركوا السمع والأبصار لحد بطل سمعهم وإبصارهم بما تركوا و (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى