وقد جاءت «بينة» في القرآن لمصاديق عدة أصدقها القرآن : (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (٢٠ : ١٣٣) (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ..) (٦ : ٥٧) (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. أَنْ تَقُولُوا .. فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ ..) (٦ : ١٥٥ ـ ١٥٧) (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ. أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) (٤٧ : ١٣ ـ ١٤).
فقد «بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحق ليخرج عباده من عبادة الأوثان إلى عبادته ومن طاعة الشيطان إلى طاعته ، بقرآن قد بينه وأحكمه ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه ، وليقروا به بعد إذ جحدوه ، وليثبتوه بعد إذ أنكروه ، فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه ، بما أراهم من قدرته ، وخوّفهم من سطوته ، وكيف محق من محق بالمثلات ، واحتصد من احتصد بالنقمات» (الخطبة ١٤٧).
وقد عبر عن آيات القرآن بالبينات في عشرات من الآيات ، مما يقرر أن القرآن هو أفضل البينات الربانية وأبينها ، وهنا «من ربه» دون «الله» أو (رَبِّ الْعالَمِينَ) لمحة لامعة أن القرآن يحمل كافة البينات الربانية التي بالإمكان أن تنزل على الخلق.
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) وتراه إماما على القرآن ورحمة على رسول القرآن ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو إمام الأئمة الرسولية والرسالية على مدار الزمن ، وقرآنه هو المهيمن على الكتابات الرسالية على مدار الزمن.
فحين يقال فلان إمام ، يعني على أمته ، فكتاب موسى إمام على أمة موسى (عليه السلام) ورحمة لهم ، ومن رحمته ما فيه من بشارات بحق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ .. وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ