الرسالة ولا الوحي شهادة ، إنما هو وسيط في تفصيل الوحي ، لا لحاجة منه إليه ، بل ليعرف الناس أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس إلها يقول من نفسه ، تثبيتا لإيمانهم أنه بشر رسول : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا ..) (١٦ : ١٠٢).
أم هو لسانه الصدق (١) القرآن العظيم ، بينة له في زمنه ، ثم يتلوه على مدار الزمن حتى القيامة الكبرى ، شاهد من ربه على رسالته الأخيرة ، وهذا هو الحق ، فإن الله يشهد بالقرآن على وحيه وعلى رسالة من جاء به على طول الخط.
ثم ويتلوه شاهد من الله كأصل ، وهو شاهد منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بما أذن الله ، وهو الإمام علي (عليه السلام) كما تواترت به الروايات (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٢٤ عن محمد بن علي بن أبي طالب قال قلت لأبي أن الناس يزعمون في قول الله : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) أنك أنت التالي؟ قال : وددت أني أنا هو ولكنه لسان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) المصدر أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال : ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل : ما نزل فيك؟ قال : أما تقرأ سورة هود : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) رسول الله على بينة من ربه وأنا شاهد منه ، وأخرجه عنه (عليه السلام) ابن عساكر ، وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن علي (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قال : علي.
أقول وفي ملحقات إحقاق الحق (٣ : ٣٥٢ ـ ٣٥٨) : أورد هذه الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كثير من الحفاظ منهم الثعلبي في تفسيره ، والبغوي في تفسيره معالم التنزيل بهامش تفسير الخازن ٣ : ١٨٣ والرازي ١٧ : ٢٠١ من تفسيره حيث أورده عن بعض ، والطبري في تفسيره ١٢ : ١٠ والقرطبي في تفسيره ٩ : ١٦ والكنجي في كفاية الطالب ص ١١٠ والنيسابوري في تفسيره ١٢ : ١٦ والخازن في تفسيره ٣ : ١٨٣ وصاحب فتح البيان على ما في فلك النجاة ٤٦١ وابو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط ٥ : ٢١١ والألوسي في روح المعاني ١٢ : ٢٥ والقندوزي في ينابيع المودة ص ٩٩.