لضمير الغائب في «به» لا هنا ولا التي قبلها.
إذا فهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حشيرا وعشيرا لبينات وشهادات تدل على محتده الرسالي السامي.
و «كان» تضرب إلى أعماق الماضي ، ١ قبل ولادة ببينات البشارات الواردة بحقه في كتابات الوحي ، ٢ وبأصل ولادة حيث ظهرت عنده عجائب قاصده ، ٣ وطيلة الأربعين قبل رسالته وهي الحالة التحضيرية لرسالته ، بارقة مشرقة خارقة للعادات إذ لم ير في حياته تلك نقطة سوداء ، مما يبرهن ـ وهو في جو الإشراك وكافة الرذالات ـ على بالغ حاله واستقباله.
٤ ومنذ ابتعاثه إذ كان يحمل من بينات الرسالة الربانية كافة اللمحات والدلالات ، فحين نرى رسل المسيح يستدلون بأنفسهم على رسالاتهم أمام الناكرين : (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (٣٦ : ١٦) فهذا النبي أحرى أن يكون بنفسه برهانا ساطعا على رسالته.
وبقرآنه وهو رأس الزاوية من (بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) منقطعة النظير عن كل بشير ونذير ، آيات بينات خمس تلو بعضها البعض ، أو مع بعضها البعض ، تحشره بنفسها.
ثم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) من الله ، أو من نفسه ، أم من الله ثم منه بإذن الله ، فتراه نفسه؟ (١) وهو لا يتلو نفسه مهما كان شاهدا من ربه على رسالته بنفسه ، وشاهدا بنفسه بما اجتهد وسعى ووفقه الله!.
أم هو جبريل (عليه السلام) (٢)؟ وكيف يتلوه وهو معه نازلا بتفصيل الكتاب على قلبه! ، وليس هو شاهدا منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا شاهدا من ربه له ، إذ تكفيه شهادة الوحي من ربه ، وأنه هو الذي عرفه جبريل وسيطا لوحيه ، دون أن يشهد على شيء!.
ولا هو شاهد من ربه للآخرين إذ لم يروه ، فلا دور له في حقل
__________________
(١) المصدر عن الحسين بن علي (عليه السلام) في الآية قال : محمد هو الشاهد من الله ، ومثله ما عن أبي العالية وإبراهيم.
(٢)المصدر عن ابن عباس انه جبرئيل ووافقه سعيد بن جبير وعطاء وابن عباس.