ذلك ، ولنرجع إلى تتمة البحث حول الآية مهما لم نقض حقها كما يحق ، وإنما هو قدمنا قدر المستطاع.
(خَلَقَ ... لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) بلوى بذلك الكون الواسع الشاسع في حقل العمل بكل جوانبه ، فميدان الكون مسرح للتسابق في إحسان العمل.
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١٨ : ٧) (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (٨ : ٣٧).
وأحسن عملا هو أحسن عقلا فقد «تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية فقيل ما معنى ذلك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «ليبلوكم أيكم أحسن عقلا ، ثم قال : وأحسنكم عقلا أورعكم عن محارم الله وأعلمكم بطاعة الله»(١).
فليس يعني «أكثركم عملا» ولكن «أصوبكم عملا» وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة (٢) «ألا إن الله قد كشف الخلق كشفة لا أنه جهل ما أخفوه من مضمون أسرارهم ومكنون ضمائرهم ، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا ، فيكون الثواب جزاء والعقاب بواء» (٣).
ف «إن الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون ، فأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به ، وما نهام عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ، ولا يكونون آخذين ولا تاركين
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٢٢ ، أخرج داود بن المجر في كتاب العقل وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في التاريخ وابن مردويه عن ابن عمر قال : تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...
(٢). نور الثقلين ٢ : ٣٤٠ في أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية.
(٣) المصدر في نهج البلاغة قال (عليه السلام): .. ثم قال : الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عزّ وجلّ والنية أفضل من العمل إلا أن النية هي العمل ثم تلا قوله عزّ وجلّ : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) يعني : على نيته.