عبير من العليم الخبير ، وأين ذلك مما في التوراة المصرحة : «في البدء خلق الله السماوات والأرض وكانت الأرض خربة وعلى وجه الغمر ظلمة. روح الله يرفّ على وجه الماء» (التكوين ١ : ١ ـ ٣).
فإن كان ذلك الماء هو المادة الأولية ، فلما ذا تأخر عن «السماوات والأرض» المخلوقتين منه ، ثم وإن كان ـ إذا ـ يعني من «روح الله» عرش الله ، فما هي المناسبة بين روح الله وعرش الله؟ أم يعني «الماء» المخلوق كسائر الكون من المادة الأولية ، فلما يختص ذلك الماء بين سائر الخلق برفّ روح الله عليه؟.
فإنما هي كلمة إشراكية متّخذة من الوثنيات العتيقة حيث تعتبر «سيفا» : الروح المهلك : الأقنوم الثالث ، أنه هو الروح الذي يرف على وجه الماء (١)!.
وهذا الإله الذي يرف روحه على وجه الماء حق له أن يعي من ذلك السبح الطويل الوبيل ، فيعيى ـ بأحرى ـ في خلقه السماوات والأرض وكما في «التكوين ١ : ٢ ـ ٤) «فأكملت السماوات والأرض وكل جندها. وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل. وبارك الله اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقا»!.
ذلك ، ولهذا سموا يوم السبت سبتا اعتبارا بسبته تعالى عن خلقه استراحة فيه ، والقرآن يزيف هذه الهرطقة الحمقاء قائلا : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (٥٠ : ٣٨) قضية هيمنته على ما بين يديه ، تزييفا لكل تجديف ، وتصديقا لصالح الوحي فيه.
__________________
(١). هذا هو الثالوث البوظي كما يقول المستر فابر في كتابه أصل الوثنية : «نجد عند الهنود ثالوثا مؤلفا من : برهمة وفشنو وسيفا ، وهكذا نجد عند البوظيين فإنهم يقولون : إن بوظا إله واحد ويقولون بأقانيمه الثلاثة ، وكذلك بوظي «جينست» يقولون عن «جيفا» أنه مثلث الأقانيم ، والأقنوم الثالث : سيفا هو الروح الذي يرف على وجه الماء.