إلّا بإذنه ، وما جبر الله أحدا من خلقه على معصية بل اختبرهم بالبلوى كما قال : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١).
ذلك ، وأصل الخلق وفصله في ستة أيام هما «ليبلوكم» ففي أصله إذ «كنت كنزا مخفيا فأجبت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف» وفي فصله لنحسن العمل بمهل ودون عجل ، حيث المهل هو على أية حال خير من العجل إلا لضرورة ، والله خلق الكون من «الماء» في ستة أيام دون ضرورة «ليبلوكم» في فاسحة المجالات والجلوات (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
(وَلَئِنْ قُلْتَ) بعد كل هذه التفاصيل (إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا) القول وذلك البعث (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) وهم يعيشون واقع الخلق المنضد المنظوم ، وواقع الدلالات الصادقة من الآيات البينات تكوينية وتدوينية! وقد تخطّوا عن فرية السحر على القرآن إلى فريته على إنباءاته ، وكل ذلك لعجزهم عن نقضه.
هذا ، وقد يستفاد من «ليبلوكم» غاية لخلق السماوات والأرض ، أنها البلوى المتواترة ليطلع فيها (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فهم ـ إذا ـ غاية لذلك الخلق العظيم.
ولأن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أول العابدين وأفضل العارفين ، فهو الغاية القصوى من الخلق أجمعين ، هو ومن معه من المحمديين من عترته وسائر أنبياء الله ورسله والصالحين من عباد الله. وهكذا يصدّق المروي في حديث قدسي : «لولاك لما خلقت الأفلاك».
صحيح أن في الخليقة من هم كالإنسان في أنه بأحسن تقويم ، ولكن الفعلية المتميزة في ميدان التقويم الأحسن بكدح كامل وسعي شامل كافل ليس إلّا لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو الأفضل الأكمل
__________________
(١). المصدر في كتاب الإحتجاج وروى عن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام) أن أبا الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال : ..