تعني الزمنية ، والثانية قد تعني الرتبية بين خلق الأرواح القدسية ، وقد خلقت بأجسادها من «الماء» كما خلقت الأرواح من الأجساد ، كما تعنيه (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٢٣ : ١٤) على تفصيل مذكور عند تفسيرها وتفسير آية الروح (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (١٧ : ٨٥) فراجع.
فقد يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) «وخلق عرشه على الماء» (١) و «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» (٢) و «كان الله ولا شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر الحكيم كل شيء ثم خلق سبع سماوات ..» (٣) وهنا «لا شيء غيره» قد يعني تفصيل الخلق دون إجماله ، حيث (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) بيان لإجماله.
ويروى عن خليفته الإمام علي (عليه السلام) قوله : «أنشأ الخلق إنشاء ، وابتدأه ابتداء ، بلا رويّة أجالها ، ولا تجربة استفادها ، ولا حركة أحدثها ، ولا همامة نفس اضطرب فيها ، أحال الأشياء لأوقاتها ، ولام بين مختلفاتها ، وغرّز غرائزها ، وألزمها أشباحها ، عالما بها قبل ابتداءها ، محيطا بحدودها وانتهائها ، عارفا بقرائنها وأحناءها ـ
ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء ، وشق الأرجاء ، وسكائك الهواء ،
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٣٢٢ عن أبي رزين قال قلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال : «كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء» أقول «في عماء» قد يعني عماء التفصيل لخلقه إذ (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) وعل «أين كان» سؤال عن «أين» المكانة في خلقه الخلق دون المكان ، وإذا كان عن المكان فالجواب ينفيه بما فيه «ما تحته وما فوقه ..» حيث هما نافيتان فتسلبان عنه كلا الفوق والتحت.
(٢) المصدر عن ابن العاص قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ..
(٣) المصدر عن بريدة قال : دخل قوم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا : جئنا نسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وننفقه في الدين ونسأله عن بدء هذا الأمر فقال : كان الله .. أقول : قد يعني «ولا شيء غيره» ما عناه نفس التعبير من ذى قبل.